حفظا ولا رجوما ، فعدل إلى التكلّم والإخبار عن ذلك ، لكونه مهمّا من مهمات الاعتقاد ، ولتكذيب الفرقة المعتقدة بطلانه.
***
ومنها : قصد التوبيخ ، كقوله [تعالى] (١) : (وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً* لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا) (مريم : ٨٨ ـ ٨٩) ، عدل عن الغيبة إلى الخطاب ، للدلالة على أنّ قائل مثل قولهم (٢) ، ينبغي أن يكون موبّخا ومنكرا عليه ؛ ولما أراد توبيخهم على هذا أخبر (٣) عنه بالحضور ، فقال : (لَقَدْ جِئْتُمْ) (مريم : ٨٩) ، لأن توبيخ الحاضر أبلغ في الإهانة له.
ومنه قوله تعالى : (إِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ* وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ) (الأنبياء : ٩٢ ـ ٩٣) ؛ [قال : (تَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ)] (٤) (الأنبياء : ٩٣) دون «تقطّعتم أمركم بينكم» ، كأنّه ينعي عليهم ما أفسدوه من أمر دينهم إلى قوم آخرين ويقبّح عندهم ما فعلوه ، ويوبخهم عليه قائلا : ألا ترون إلى عظيم ما ارتكب هؤلاء في دين الله ، فجعلوا أمر دينهم به قطعا ، تمثيلا لاختلافهم (٥) في الدين.
فائدة
اختلف في قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ) (آل عمران : ٩) بعد (رَبَّنا إِنَّكَ جامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ) (آل عمران : ٩).
فقيل : إن الكلام تمّ عند [٢٢٣ / أ] قوله : (لا رَيْبَ فِيهِ) (آل عمران : ٩) ، وهذا الذي بعده من مقول الله تصديقا لهم.
وقيل : بل هو من بقية كلامهم الأول على طريقة (٦) الالتفات من الخطاب إلى الغيبة ، كقوله [تعالى] : (حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ) (يونس : ٢٢).
فإن قلت : قد قال [تعالى] (٧) [في] (٨) آخر السورة : (وَلا تُخْزِنا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّكَ لا
__________________
(١) ساقطة من المخطوطة.
(٢) في المخطوطة (مثل قوله).
(٣) في المخطوطة (عبّر عنه).
(٤) ليست في المخطوطة.
(٥) في المطبوعة (تمثيلا لأخلاقهم).
(٦) في المخطوطة (على طريق الالتفات).
(٧) ساقطة من المطبوعة.
(٨) ليست في المخطوطة.