والرابع : لأبي عليّ (١) أيضا على معنى النسب ؛ أي ذات انفطار ؛ كقولهم : امرأة مرضع ، أي ذات رضاع.
والخامس : للزمخشريّ (٢) ، أنه صفة لخبر محذوف مذكّر ، أي شيء منفطر.
وسأل أبو عثمان المازنيّ (٣) بحضرة المتوكل (٤) قوما من النحويّين ، منهم ابن السّكيت (٥) وأبو [بكر] (٦) بن قادم (٧) عن قوله تعالى : (وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا) (مريم : ٢٨) : كيف جاء بغير هاء. ونحن نقول : امرأة كريمة إذا كانت هي الفاعل [وبغي هنا الفاعل] (٨) وليست بمنزلة «القتيل» التي هي بمعنى «المفعول»؟ فأجاب ابن قادم وخلّط ، فقال له المتوكّل : أخطأت ، قل يا بكر (٩) ـ للمازني ، قال : «بغيّ» ليس ل «فعيل» وإنما هو «فعول» والأصل فيه «بغوي» ، فلما التقت واو وياء ، وسبقت إحداهما بالسكون أدغمت الواو في الياء ، فقيل : «بغيّ» كما تقول : امرأة صبور ، بغير هاء ؛ لأنها بمعنى صابرة ؛ فهذا حكم «فعول» إذا عدل عن فاعله ، فإن عدل عن مفعوله جاء بالهاء ، كما قال.
منها اثنتان وأربعون حلوبة (١٠)
__________________
(١) انظر قولي أبي علي وقول الكسائي عند أبي حيان في البحر المحيط ٨ / ٣٦٥ ـ ٣٦٦ عند تفسير سورة المزمل.
(٢) قول الزمخشري في الكشاف ٤ / ١٥٥ سورة المزمل.
(٣) هو بكر بن محمد بن بقية أبو عثمان المازني تقدم التعريف به في ٢ / ٣٦٥.
(٤) هو جعفر بن محمد بن هارون الرشيد ، لقبه المتوكل على الله بن المعتصم بالله ، خليفة عباسي ولد ببغداد وبويع له بعد وفاة أخيه الواثق سنة (٢٣٢ ه) وكان جوادا محبا للعمران ، من آثاره «المتوكلية» ببغداد أنفق عليها أموالا كثيرة ، ثم أقام في سامراء إلى أن اغتيل فيها ليلا بإغراء ابنه المنتصر سنة ٢٤٧ ه (الأعلام للزركلي ٢ / ١٢٧).
(٥) هو يعقوب بن إسحاق أبو يوسف تقدم التعريف به في ١ / ٤٠٢.
(٦) كذا ورد في المطبوعة والمخطوطة ، والصواب في كنيته (أبو جعفر) كما جاء في مصادر ترجمته.
(٧) هو محمد بن عبد الله بن قادم أبو جعفر النحوي ، كان حسن النظر في علل النحو وكان من أعيان أصحاب الفراء وأخذ عنه ثعلب ، وكان ابن قادم يعلّم «المعتز» قبل الخلافة وكان قد حقد عليه بطريق تأديبه له ، فلما ولي بعث إليه فقيل له : أجب أمير المؤمنين فقال لعياله : عليكم السلام فخرج ولم يرجع إليهم وذلك في سنة ٢٥١ ه (ياقوت معجم الأدباء ١٨ / ٢٠٧).
(٨) ليست في المطبوعة.
(٩) في المخطوطة (يا أبا بكر) والصواب ما في المطبوعة.
(١٠) صدر بيت لعنترة من المعلقة عجزه : (سودا كخافية الغراب الأسحم) ، انظر ديوان عنترة ص ١٧.