كما في الآية الكريمة ـ أحقّ وأولى ؛ لأنّ التذكير [٢٢٨ / ب] أولى والرجوع إليه أسهل من الخروج عنه.
وقيل : من الاستغناء بأحد المذكورين لكون الآخر تبعا له ، ومعنى من معانيه.
ومنه في أحد الوجوه قوله تعالى : (فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ) (الشعراء : ٤) ، فاستغنى عن خبر الأعناق بخبر أصحابها ؛ والأصل هنا إن رحمة الله قريب (١) ، وهو قريب من المحسنين ، فاستغنى بخبر المحذوف عن خبر الموجود (٢) ، وسوغ ظهور ذلك المعنى.
ونظير هذه الآية الشريفة قوله تعالى : (وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ) (الشورى : ١٧) ، قال البغويّ (٣) : «لم يقل «قريبة» لأن تأنيثها غير حقيقيّ ، ومجازها الوقت ، وقال الكسائيّ : إتيانها قريب».
وقيل في قوله تعالى : (بِرِيحٍ صَرْصَرٍ) (الحاقة : ٦) ، ولم يقل : «صرصرة» كما قال : (بِرِيحٍ [صَرْصَرٍ] (٤) عاتِيَةٍ) (الحاقة : ٦) لأنّ الصرصر وصف مخصوص بالريح لا يوصف به غيرها ، فأشبه باب «حائض» ونحوه ؛ بخلاف «عاتية» فإن غير الريح من الأسماء المؤنثة يوصف به.
وأما قوله تعالى : (السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ) (المزمل : ١٨) ، ففي تذكير «منفطر» خمسة أقوال : أحدها : للفراء (٥) ، أن السماء تذكر وتؤنث ، فجاء «منفطر» على التذكير.
والثاني : لأبي علي أنّه من باب اسم الجنس الذي بينه وبين واحدة التاء ، مفرده سماءة ؛ واسم الجنس يذكر ويؤنث ، نحو : (أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ) (القمر : ٢٠).
والثالث : للكسائيّ ، أنه ذكّر حملا على معنى السقف.
__________________
(١) في المخطوطة (قريبة).
(٢) في عبارة المخطوطة زيادة في هذا الموضع وهي (عن خبر الموجود إليه أسهل من الخروج عنه ، وسوغ ذلك ظهور المعنى).
(٣) ذكره البغوي في معالم التنزيل ٤ / ١٢٣ عند تفسير الآية (١٧) من سورة الشورى ، وتمام عبارته (ومجازه : الوقت قريب ، وقال الكسائي : إتيانها قريب).
(٤) ليست في المخطوطة.
(٥) انظر معاني القرآن ٣ / ١٩٩ عند تفسير الآية (١٨) من سورة المزمل.