وهو الغاية والنهاية ؛ ولذلك أنث المثل هنا توكيدا لتصوير الحسنة في نفس المطيع ؛ ليكون ذلك أدعى له إلى الطاعة ، حتى كأنه قال : «فله عشر حسنات أمثالها» حذف وأقيمت صفته مقامه ، وروعي ذلك المحذوف الذي هو المضاف إليه ، كما يراعى المضاف في نحو قوله : (أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍ) (النور : ٤٠) ، [أي «أو كذي ظلمات»] (١) ، وراعاه في قوله : (يَغْشاهُ مَوْجٌ) (النور : ٤٠) ، وهذا الوجه هو الذي عوّل عليه الزمخشري (٢) ، ولم يذكر سواه.
وأما ابن جني فذكر في «المحتسب» (٣) الوجه الأول ، وقال : فإن قلت : فهلا حملته على حذف الموصوف ، (٤) [فكأنه قال : «فله عشر حسنات وأمثالها»؟ قيل : حذف الموصوف] (٤) وإقامة الصفة (٥) مقامه ليس بمستحسن في القياس ؛ وأكثر ما أتى في الشعر ، ولذلك حمل (دانِيَةً) من قوله : (وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها) (الإنسان : ١٤) ؛ على أنه وصف جنة أو «وجنة دانية» عطف على «جنة» من قوله (٦) : (وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً) (الإنسان : ١٢) ؛ لما قدّر حذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه ، حتى عطف على قوله : (مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ) (الإنسان : ١٣) فكانت حالا معطوفة على حال.
وفي «كشف المشكلات» (٧) للأصبهاني ، حذف الموصوف هو اختيار سيبويه ، وإن كان لا يرى حسن «ثلاثة مسلمين» بحذف الموصوف (٨) [لكن المثل [٢٢٩ / ب] وإن كان معنى جرى مجرى الاسم في «مررت بمثلك» ولا يستقل به الموصوف] (٨).
وقوله تعالى حكاية عن لقمان : (يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ [مِنْ خَرْدَلٍ]) (٨) (لقمان : ١٦) فأنث الفعل المسند ل (مِثْقالَ) وهو مذكّر ، [ولكن] (٩) لما أضيف إلى «حبّة» اكتسب منه [التأنيث] (٩) ، فساغ تأنيث فعله.
__________________
(١) ليست في المخطوطة.
(٢) انظر الكشاف ٢ / ٥٠ عند تفسير الآية (١٦٠) من سورة الأنعام.
(٣) هو أبو الفتح عثمان بن جني تقدم التعريف به في ١ / ٣٦١ ، وتقدم التعريف بكتابه «المحتسب» في ١ / ٤٨١.
(٤) ليست في المخطوطة.
(٥) تصحفت عبارة المطبوعة إلى (وإقامة الموصوف مقامه).
(٦) في المطبوعة (من قولهم).
(٧) ذكره في كشف الظنون ٢ / ١٤٩٥ وعنوانه «كشف مشكلات القرآن».
(٨) ليست في المطبوعة.
(٩) ليست في المخطوطة.