وذكر أبو البقاء في (١) قوله تعالى : (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) (آل عمران : ١٨٥) أنّ التأنيث [في] (٢) «ذائقة» باعتبار معنى «كلّ» [لأن معناها التأنيث ، قال : لأن كلّ نفس نفوس ولو ذكّر على (٣) لفظ «كلّ»] جاز ـ يعني أنه لو قيل : كلّ نفس ذائق [كذا] (٤) ، جاز.
وهو مردود ؛ لأنه يجب اعتبار ما يضاف إليه «كلّ» إذا كانت نكرة ، ولا يجوز أن يعتبر كلّ.
وقوله تعالى : (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ) (البقرة : ٢٧١) ؛ فإنّ الظاهر عود الضمير إلى الإبداء ؛ بدليل قوله : (وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) (البقرة : ٢٧١) فذكّر الضمير العائد على الإخفاء ، ولو قصد الصدقات لقال : «فهي» ؛ وإنما أنّث (هي) والذي عاد إليه مذكّر ، على حذف مضاف ، أي وإبداؤها نعم ما هي ، كقوله : القرية اسألها.
ومنه (٥) (سَعِيراً) (الفرقان : ١١) وهو مذكر ، ثم قال : (إِذا رَأَتْهُمْ) (الفرقان : ١٢) فحمله على النار.
وأما قوله : (لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي [خَلَقَهُنَ]) (٦) (فصلت : ٣٧) ، فقيل : الضمير عائد على الآيات المتقدمة في اللفظ.
وقال البغويّ (٧) إنما قال (خَلَقَهُنَ) بالتأنيث ، لأنه أجري على طريق جمع التكسير ، ولم يجر على طريق التغليب للمذكر على المؤنث» ؛ لأنه فيما لا يعقل.
وقيل في قوله : (الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ) (النساء : ١) ، إن المراد آدم فأنثه ردّا إلى النفس. وقد قرئ شاذّا «من نفس واحد» (٨).
__________________
(١) انظر إملاء ما من به الرحمن ١ / ٩٤ تفسير الآية (١٨٥) من سورة آل عمران.
(٢) ليست في المخطوطة.
(٣) عبارة المخطوطة (في لفظ).
(٤) ليست في المطبوعة.
(٥) عبارة المخطوطة (وقوله سعيرا).
(٦) ليست في المخطوطة.
(٧) انظر معالم التنزيل ٤ / ١١٥ عند تفسير الآية (٣٧) من سورة فصلت.
(٨) ذكره أبو حيان في البحر المحيط ٣ / ١٥٤ عند تفسير الآية (١) من سورة النساء ، فقال : (والمراد بقوله من (نَفْسٍ واحِدَةٍ) آدم ، وقرأ الجمهور (واحِدَةٍ) بالتاء ... ، وقرأ ابن أبي عبلة «واحد» على مراعاة المعنى).