(يُنْفَخُ) الذي هو مستقبل في الواقع. وفائدة التعبير عنه بالماضي (١) [الإشارة إلى استحضار التحقق ، وإنه من شأنه لتحققه أن يعبّر عنه بالماضي] (١) وإن لم يرد معناه. والفرق بينهما أنّ الأول مجاز ، والثاني لا مجاز فيه إلا من جهة اللفظ فقط.
***
وقوله : (وَإِذْ قالَ اللهُ يا عِيسَى) (المائدة : ١١٦) ؛ أي يقول ، عكسه لأن المضارع يراد به الديمومة والاستمرار ، كقوله [تعالى] : (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ) (البقرة : ٤٤).
وقوله : (ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (آل عمران : ٥٩) ، أي فكان استحضارا لصورة تكوّنه.
وقوله : (وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ) (البقرة : ١٠٢) أي ما تلت.
وقوله تعالى : (وَلَقَدْ نَعْلَمُ) (الحجر : ٩٧) ، أي علمنا.
فإن قيل : كيف يتصور التقليل في علم الله؟
قيل : المراد أنهم أقل معلوماته ؛ ولأن المضارع هنا بمعنى الماضي ف «قد» فيه للتحقيق لا التقليل.
وقوله : (فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِياءَ اللهِ) (البقرة : ٩١) ، أي فلم قتلتم! وقوله : (حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ) (البينة : ١) أي لم يتفارقوا (٢) حتى تأتيهم.
وقوله : (مُنْفَكِّينَ) (البينة : ١) ، قال مجاهد (٣) : «منتهين» وقيل : زائلين من الدنيا.
وقال الأزهري (٤) : «ليس هو من باب «ما انفك» و «ما زال» إنما هو من انفكاك الشيء إذا انفصل عنه».
__________________
(١) ليست في المخطوطة.
(٢) في المطبوعة (يتعارفوا) والصواب ما في المخطوطة ، كما نقله الأزهري أيضا في تهذيب اللغة ٩ / ٤٥٨ فقال (وقال ابن عرفة الملقب بنفطويه : معنى قوله «منفكين» مفارقين).
(٣) انظر تفسير مجاهد ٢ / ٧٧٤ تفسير سورة البينة.
(٤) انظر تهذيب اللغة ٩ / ٤٥٩ مادة «فك» ثم عقب بقوله (كما فسّره ابن عرفة) ، والأزهري هو أبو منصور محمد بن أحمد بن الأزهر ، تقدم التعريف به في ١ / ٣٠٩.