أمسّ في المعنى من غيره من العناصر ؛ ولما أراد سبحانه الامتنان على [بني] (١) إسرائيل [بعيسى عليهالسلام] (٢) أخبرهم أنه (٣) يخلق [لهم] (١) من الطين كهيئة الطير ، تعظيما لأمر ما يخلقه بإذنه ؛ إذ كان [المعنى] (٢) المطلوب الاعتداد عليهم بخلقه (٤) ليعظّموا قدر النعمة به.
ومنه قوله تعالى : (وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ) (النور : ٤٥) [فإنه] (١) سبحانه إنما اقتصر على ذكر الماء دون بقية العناصر ؛ لأنّه أتى بصيغة الاستغراق ، وليس في العناصر الأربع ما يعمّ جميع المخلوقات إلا الماء ليدخل الحيوان البحريّ فيها.
ومنه قوله تعالى : ([تَاللهِ] (٥) تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهالِكِينَ) (يوسف : ٨٥) ؛ فإنه سبحانه أتى بأغرب ألفاظ القسم بالنسبة إلى أخواتها ؛ فإنّ «والله» و «بالله» أكثر استعمالا وأعرف من «تالله» لما كان الفعل الذي جاور القسم أغرب الصيغ التي في بابه ؛ فإنّ «كان» وأخواتها أكثر استعمالا من «تفتأ» وأعرف عند العامة ؛ ولذلك أتى بعدها بأغرب ألفاظ الهلاك بالنسبة ، وهي لفظة «حرض» : ولما أراد غير ذلك [قال] (٦) : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ) (فاطر : ٤٢) ، لما كانت جميع الألفاظ مستعملة.
ومنه قوله تعالى : (وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ) (هود : ١١٣) ؛ فإنه سبحانه لما نهى عن الركون إلى الظالمين ، وهو الميل إليهم والاعتماد عليهم ، وكان دون ذلك (٧) مشاركتهم في الظلم ، أخبر أنّ العقاب [على ذلك دون العقاب] (٨) على الظلم ؛ وهو مسّ النار الذي هو دون الإحراق والاضطرام ؛ وإن كان المسّ قد يطلق ويراد به الإشعار بالعذاب.
ومنه قوله تعالى : (لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي ما أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ) (المائدة : ٢٨) ؛ فإنه نشأ في الآية سؤال ، وهو أن الترتيب في الجمل الفعلية تقديم الفعل وتعقيبه بالفاعل ، ثم بالمفعول ، فإن كان في الكلام مفعولان : أحدهما تعدّى وصول الفعل
__________________
(١) ليست في المخطوطة.
(٢) ليست في المطبوعة.
(٣) في المطبوعة (أن يخلق).
(٤) في المخطوطة (بجعله).
(٥) ليست في المطبوعة.
(٦) ليست في المخطوطة.
(٧) في المخطوطة (وكان ذلك دون).
(٨) ليست في المخطوطة.