إليه بالحرف (١) ، والآخر [تعدى] (٢) بنفسه ، قدم ما تعدّى إليه الفعل بنفسه ؛ وعلى ذلك جاء قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ) (٣) (الفتح : ٢٤).
إذا ثبت هذا ، فقد يقال : كيف توخّى حسن الترتيب في عجز الآية دون صدرها؟ والجواب أنّ حسن الترتيب منع منه في صدر الآية مانع أقوى ، وهو مخافة أن يتوالى ثلاثة أحرف متقاربات المخرج ؛ فيثقل الكلام بسبب ذلك ؛ فإنه لو قيل «لئن بسطت يدك إليّ» والطاء والتاء [والياء] (٢) متقاربة [٢٣٢ / أ] المخرج ؛ فلذلك حسن تقديم المفعول الذي تعدّى الفعل إليه بالحرف على [الفعل] (٤) الذي تعدى إليه بنفسه ؛ ولمّا أمن هذا المحذور في عجز الآية لما اقتضته البلاغة من الإتيان باسم الفاعل موضع الجملة الفعلية ، لتضمّنه معنى الفعل الذي تصحّ به المقابلة ، جاء الكلام على ترتيبه : من تقديم المفعول الذي تعدّى الفعل إليه بنفسه ، على المفعول الذي تعدى إليه بحرف [الجرّ] (٥). وهذا أمر يرجع إلى تحسين اللفظ ؛ وأما المعنى فعلى نظم الآية ؛ لأنه لما كان الأول حريصا على التعدّي على الغير قدّم المتعدي [إليه] (٦) على الآلة ، فقال : (إِلَيَّ يَدَكَ) ولما كان الثاني غير حريص على ذلك ، لأنه نفاه عنه ، قدّم الآلة فقال : (يَدِيَ إِلَيْكَ) ؛ ويدل لهذا أنه عبّر عن (٧) الأول بالفعل وفي الثاني بالاسم.
ويؤيد ذلك أيضا قوله [تعالى] في سورة الممتحنة : (إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْداءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ [وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ]) (٨) (الممتحنة : ٢) ؛ لأنه لمّا نسبهم للتعدي (٩) الزائد قدّم ذكر المبسوط [إليهم] (١٠) على الآلة ؛ وذلك الجواب السابق لا يمكن في هذه الآية.
ومثله قوله [تعالى] : (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى) (النجم : ٣١) ؛ مقتضى الصناعة أن يؤتى بالتجنيس للازدواج في صدر الآية ،
__________________
(١) عبارة المخطوطة (أحدهما تعدى وصول الحرف إليه بالفعل).
(٢) ليست في المطبوعة.
(٣) في المخطوطة (هو الذي كف أيديكم عنهم وأيديهم عنكم).
(٤) ليست في المخطوطة.
(٥) ليست في المخطوطة.
(٦) ليست في المطبوعة.
(٧) في المخطوطة (مع الأول).
(٨) ليست في المطبوعة.
(٩) في المخطوطة (إلى التعدي).
(١٠) ليست في المخطوطة.