وَلا يَحْيى) (طه : ٧٤) فنفى عنه الموت ، لأنه ليس بموت صريح ، ونفى عنه الحياة ، لأنها ليست بحياة طيبة ولا نافعة ، كقوله تعالى : (وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى) (الحج : ٢) أي ما هم بسكارى مشروب ولكن سكارى فزع.
وقوله : (لا يَنْطِقُونَ* وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ) (المرسلات : ٣٥ ـ ٣٦) ، وهم قد نطقوا بقولهم : (يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا) (الأنعام : ٢٧) ، ولكنهم لما نطقوا بما لم ينفع فكأنهم لم ينطقوا.
وقوله : (لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها) (الأعراف : ١٧٩).
وقوله : (لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ ما كُنَّا فِي أَصْحابِ السَّعِيرِ) (الملك : ١٠).
و [منه] (١) قوله : (وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَسْمَعُوا وَتَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ) (الأعراف : ١٩٨) ، فإنّ المعتزلة احتجوا [به] (١) على نفي الرؤية ، لأنّ النظر لا يستلزم الإبصار ، ولا يلزم من قوله : (إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) (القيامة : ٢٣) إبصار.
وهذا وهم ، لأن الرؤية تقال (٢) على أمرين : أحدهما الحسبان [كقوله : (وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى) (الحج : ٢) أي تحسبهم] (٣) ، الثاني العلم ، [(ما أُرِيكُمْ إِلاَّ ما أَرى) (غافر : ٢٩) والرؤية في] (٣) الآية من المعنى الأول ، أي تحسبهم ينظرون إليك ؛ لأنّ لهم أعينا (٤) مصنوعة بأجفانها وسوادها يحسب الإنسان أنها تنظر إليه بإقبالها عليه ، وليست تبصر شيئا.
ومنه : (فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ) (التوبة : ١٢).
ومنه قوله تعالى : (وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ ما شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) (البقرة : ١٠٢) ؛ فإنّه وصفهم أولا بالعلم على سبيل التوكيد القسميّ ، ثم نفاه أخيرا عنهم لعدم جريهم على موجب العلم ؛ كذا قاله السكاكي (٥) وغيره.
وقد يقال : لم يتوارد النفي والإثبات على محلّ واحد ، لأنّ المثبت أولا نفس العلم ، والمنفي إجراء (٦) العمل بمقتضاه ، ويحتمل حذف المفعولين أو اختلاف أصحاب الضميرين.
__________________
(١) ليست في المخطوطة.
(٢) في المخطوطة (تفاد).
(٣) ليست في المطبوعة.
(٤) في المخطوطة (لأنهم أعين).
(٥) هو أبو يعقوب يوسف بن أبي بكر محمد بن علي تقدم التعريف به في ١ / ١٦٣ ، وانظر قوله في كتابه «مفتاح العلوم» ص ١٧٢ الفن الأول في تفصيل اعتبارات الإسناد الخبري ، ومنه الخبر الإنكاري.
(٦) في المخطوطة (آخر).