وقوله [تعالى] : (يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِ) (الأعراف : ١٤٦) ، فقيل من هذا الباب ، فهي صفة لازمة ، وقيل التكبّر قد يكون بحق ، وهو التنزه عن الفواحش والدنايا والتباعد من فعلها.
وأما قوله : (وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِ) (الأعراف : ٣٣) ، (١) [فإن أريد بالبغي الظلم كان قوله : (بِغَيْرِ الْحَقِ)] (١) تأكيدا ، وإن أريد به الطلب كان قيدا.
٣ / ٤٠٢
قاعدة
اعلم أن نفي العام يدلّ على نفي الخاص ، وثبوته لا يدل على ثبوته ، وثبوت الخاص يدلّ على ثبوت العام ، ولا يدل نفيه على نفيه ؛ ولا شكّ أن زيادة المفهوم من اللفظ توجب الالتذاذ به ، فلذلك كان نفي العام أحسن من نفي الخاص ، وإثبات الخاص أحسن من إثبات العام.
***
فالأول : كقوله [٢٣٦ / أ] تعالى : (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ) (البقرة : ١٧) ، ولم يقل : «بضوئهم» (٢) بعد قوله : (أَضاءَتْ) لأن النور أعم من الضوء ؛ إذ يقال على القليل والكثير ؛ وإنما يقال الضوء على النور الكثير ولذلك قال [تعالى] : (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً) (يونس : ٥) ففي الضوء دلالة على الزيادة ، فهو أخصّ من النور ، وعدمه (٣) لا يوجب عدم الضوء ، لاستلزام عدم العام عدم الخاص ، فهو أبلغ من الأول ، والغرض إزالة النور عنهم أصلا ، ألا ترى ذكره بعده (٤) : (وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ [لا يُبْصِرُونَ]) (٥) (البقرة : ١٧).
وهاهنا دقيقة ، وهي أنه قال : (ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ) (البقرة : ١٧) ، ولم يقل : «أذهب نورهم» لأن الإذهاب بالشيء إشعار له بمنع عودته ، بخلاف الذهاب ؛ إذ يفهم من الكثير استصحابه في الذهاب ، ومقتضى [ذلك] (٥) منعه من الرجوع.
ومنه قوله تعالى : ([يا قَوْمِ] (٦) لَيْسَ بِي ضَلالَةٌ) (الأعراف : ٦١) ، ولم يقل :
__________________
(١) ليست في المخطوطة.
(٢) في المخطوطة (ببصرهم).
(٣) في المخطوطة (فقده).
(٤) في المخطوطة (عقبه).
(٥) ليست في المطبوعة.
(٦) ليست في المخطوطة.