أحدهما : لم خصّ جبريل وميكائيل بالذكر؟ الثاني : لم قدّم جبريل عليه؟
والجواب عن الأول أنه سبحانه وتعالى خصّهما بالحياة ، فجبريل بالوحي الذي هو حياة القلوب ، وميكائيل بالرزق الذي هو حياة الأبدان ، ولأنهما كانا سبب النزول في تصريح اليهود بعداوتهما.
و [عن] (١) الثاني : أن حياة القلوب أعظم من حياة الأبدان ؛ ومن ثم قيل :
عليك بالنفس فاستكمل (٢) فضائلها |
|
فأنت بالنّفس لا بالجسم إنسان ٢ / ٤٦٩ |
ومنه قوله تعالى : (فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ) (الرحمن : ٦٨) ، وغلّط بعضهم من عدّ هذه الآية من هذا النوع ، من جهة أن «فاكهة» نكرة في سياق الإثبات فلا عموم لها. وهو غلط لأمرين : أحدهما : أنها في سياق الإثبات ، وهو مقتضى العموم ؛ كما ذكره القاضي أبو الطيب الطبريّ (٣).
والثاني : أنه ليس المراد بالخاص والعام هاهنا المصطلح عليه في الأصول ، (٤) بل كلّ ما كان الأول فيه شاملا للثاني (٤).
وهذا الجواب أحسن من الأول ، لعمومه بالنسبة إلى كل مجموع يشتمل على متعدّد.
ولما لمح أبو حنيفة معنى العطف وهو المغايرة لم يحنّث الحالف على أكل الفاكهة بأكل الرمان.
ومنه قوله تعالى : (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ [١٥٣ / ب] إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) (آل عمران : ١٠٤) ، إذ الأمر والنهي من جملة الدعاء إلى الخير.
__________________
(١) ساقطة من المخطوطة.
(٢) في المخطوطة (فاستعمل).
(٣) هو طاهر بن عبد الله بن طاهر. أبو الطيب الطبري القاضي الفقيه الشافعي ولد سنة ٣٤٨ ه كان ثقة صادقا دينا ورعا عارفا بأصول الفقه وفروعه محققا في علمه. تفقه على أبي علي الزجاجي وأدرك أبا علي الماسرجسي فصحبه وتفقه عليه وحضر مجلس الشيخ أبا حامد الأسفراييني من مصنفاته «شرح مختصر المزني» وصنف في الأصول والمذهب والخلاف والجدل. ت ٤٥٠ ه (ابن خلكان ، وفيات الأعيان ٢ / ٥١٢).
(٤) عبارة المخطوطة (بل كل ما كان في الأول فيه شامل للثاني).