وثانيها : أن يضاف إلى حرف التشبيه حرف مؤكّد ، ليكون ذلك علما على قوة التشبيه وتأكيده ، كقوله تعالى : (كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ) (الرحمن : ٥٨).
(كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ) (الصافات : ٤٩).
(وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ) (الأعراف : ١٧١).
(تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ) (القمر : ٢٠).
(كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ) (الحاقة : ٧).
فإن قيل : كيف استرسل أهل الجنة وقوله [تعالى] (١) : (كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ) (البقرة : ٢٥) ، ولا شك أنه ليس به ، واحترزت بلقيس فقالت : (كَأَنَّهُ هُوَ) (النمل : ٤٢) ، ولم تقل : هو [هو] (٢)؟
قيل : أهل الجنة وثقوا بأن الغرض مفهوم ؛ وأن أحدا لا يعتقد في الحاضر أنه عين ٣ / ٤١٨ المستهلك الماضي ؛ وأما بلقيس فالتبس عليها الأمر ، وظنّت أنه يشبهه ، (٣) [بل صمّمت في المغايرة مع المشابهة] (٣) لأنها بنت على العادة ، وهو أن السرير لا ينتقل من إقليم إلى آخر في طرفة عين.
***
وأما التشبيه بغير حرف ، فيقصد به المبالغة ، تنزيلا للثاني منزلة الأول تجوّزا [٢٣٨ / ب] كقوله : (وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ) (الأحزاب : ٦).
وقوله : (وَسِراجاً مُنِيراً) (الأحزاب : ٤٦).
وقوله : (وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ) (آل عمران : ١٣٣).
وكذلك : (تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ) (النمل : ٨٨).
وجعل الفارسيّ منه قوله تعالى : (قَوارِيرَا* قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ) (الإنسان : ١٥ ـ ١٦) ، (٤) [أي كأنها في بياضها من فضة ، فهو على التشبيه ، لا على أن القوارير من فضة] (٤) ، بدليل قوله : (بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ* بَيْضاءَ) (الصافات : ٤٥ ـ ٤٦) ، فقوله : (بَيْضاءَ) مثل قوله : (مِنْ فِضَّةٍ).
__________________
(١) ليست في المطبوعة.
(٢) ساقطة من المخطوطة.
(٣) ما بين الحاصرتين ساقطة من المطبوعة.
(٤) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.