كالبحر والكاف أنّى ضفت (١) زائدة |
|
فيه فلا تظنّنها كاف تشبيه |
وأما قوله تعالى : (مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ) (النور : ٣٥) فيمكن أن يكون المشبّه به ٣ / ٤٢٦ أقوى لكونه في الذهن أوضح ؛ إذ الإحاطة به أتمّ.
وأما قوله تعالى : (إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ [خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ]) (٢) (آل عمران : ٥٩) ؛ فهو من تشبيه الغريب بالأغرب ؛ لأن خلق آدم [أغرب] (٣) من خلق عيسى ليكون أقطع للخصم ، وأوقع في النفس. وفيه دليل على جواز القياس ، وهو ردّ فرع إلى أصل لشبه ما ؛ لأن عيسى ردّ إلى آدم لشبه بينهما ؛ والمعنى أن آدم خلق من تراب ولم يكن له أب ولا أم ، فكذلك خلق عيسى من غير أب.
وقوله : (كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ) (المنافقون : ٤) شبّههم بالخشب ، لأنه لا روح فيها ، وبالمسنّدة لأنه لا انتفاع بالخشب (٤) في حال تسنيده.
***
الخامسة : الأصل دخول أداة التشبيه على المشبّه به ، وهو الكامل ، كقولك : ليس الفضة كالذهب ، وليس العبد كالحرّ ؛ وقد تدخل على المشبه لأسباب :
منها وضوح الحال [٢٤٠ / أ] ، كقوله تعالى : (وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى) (آل عمران : ٣٦) ؛ [فإنّ الأصل] (٥) وليس الأنثى كالذكر ؛ وإنما عدل عن الأصل ؛ لأن معنى (٦) : (وَلَيْسَ الذَّكَرُ) الذي طلبت (كَالْأُنْثى) التي وهبت لها ، لأن الأنثى أفضل منه. وقيل : لمراعاة الفواصل ، لأنّ قبله : (إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى) (آل عمران : ٣٦).
ووهم ابن الزملكاني (٧) في «البرهان» حيث زعم أنّ هذا من التشبيه المقلوب ، وليس كذلك لما ذكرنا من المعنى.
__________________
(١) في المخطوطة (إن أتصفت).
(٢) ليست في المطبوعة.
(٣) ساقطة من المطبوعة.
(٤) في المخطوطة (في الخشب).
(٥) ليست في المخطوطة.
(٦) في المخطوطة (المعنى).
(٧) هو عبد الواحد بن عبد الكريم كمال الدين ابن الزملكاني تقدم التعريف به في ١ / ١٣٥ وبكتابه في ٢ / ٢٢٨.