«الحجة (١)» : لمّا كان البناء رفعا للمبنيّ قوبل بالفراش الذي هو على خلاف البناء ، ومن ثمّ وقع البناء على ما فيه ارتفاع في نصيبه إن لم يكن مدرا.
***
٣ / ٤٥٧ ومنه نوع (٢) يسمى الطباق الخفيّ ؛ كقوله تعالى : (مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً) (نوح : ٢٥) ، لأن الغرق من صفات الماء ، فكأنه جمع بين الماء [في النار] (٣) والنار ، قال ابن منقذ (٤) : وهي أخفى مطابقة في القرآن.
قلت : ومنه قوله تعالى : (مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً) (يس : ٨٠) ؛ فكأنه جمع بين الأخضر والأحمر ، وهذا أيضا (٥) فيه تدبيج بديعي.
ومنه : (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ) [٢٤٥ / أ](حَياةٌ) (البقرة : ١٧٩) ، لأن [معنى] (٦) القصاص القتل ، فصار القتل سبب الحياة.
قال ابن المعتز (٧) ؛ وهذا من أملح الطباق وأخفاه.
وقوله تعالى في الزخرف : (ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا) (الآية : ١٧) ؛ لأن «ظلّ» لا تستعمل (٨) إلا نهارا ، فإذا لمح مع ذكر السواد كأنه طباق يذكر البياض مع السواد.
__________________
(١) كتاب الحجة لأبي علي الفارسي تقدم التعريف به في ١ / ٤٨٨.
(٢) تصحفت في المخطوطة إلى (ومرفوع) بدل (ومنه نوع).
(٣) ساقطة من المخطوطة.
(٤) تصحفت في المخطوطة إلى (ابن سعد) ، وهو أسامة بن مرشد بن علي بن مقلّد بن نصر بن منقذ الكناني الكلبي الشّيزري من أكابر بني منقذ أصحاب قلعة شيزر وعلمائهم وشجعانهم ، ويلقب مؤيد الدولة ومجد الدين وله تصانيف حسان منها «لباب الآداب» و «البديع في نقد الشعر» و «الشيب والشباب» ت ٥٨٤ ه (ياقوت ، معجم الأدباء ٥ / ١٨٨). وقد ذكر قوله السيوطي في الاتقان ٣ / ٢٨٥. النوع الثامن والخمسون في بديع القرآن.
(٥) في المخطوطة (فيه أيضا).
(٦) ساقطة من المخطوطة.
(٧) هو عبد الله بن المعتز بن المتوكل بن المعتصم بن هارون الرشيد الهاشمي ولد سنة ٢٤٧ ه كان أديبا بليغا شاعرا مخالطا للعلماء والأدباء أخذ الأدب عن أبي العباس المبرد وثعلب وغيرهما ، وله من التصانيف «الزهر والرياض» و «الجوارح والصيد» و «مكاتبة الإخوان بالشعر» وغيرها ت ٢٩٦ ه (ابن خلكان ، وفيات الأعيان ٣ / ٧٦).
(٨) في المخطوطة (يستعمل).