الحجاج فقال : (وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ) (المؤمنون : ٩١) ، أي ولغلب بعضهم بعضا في المراد ، ولو (١) أراد أحدهما إحياء جسم والآخر إماتته لم يصحّ ارتفاع مرادهما ؛ لأن رفع النقيضين محال ، ولا وقوعهما للتضادّ ، فنفى وقوع أحدها دون الآخر ؛ وهو المغلوب (٢) وهذه تسمى دلالة التمانع ، وهي كثيرة في القرآن ، كقوله تعالى : (إِذاً لَابْتَغَوْا إِلى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً) (الإسراء : ٤٢).
وقوله : (وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ) (الأنفال : ٢٣).
وقوله : (أَفَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ* أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ) (الواقعة : ٥٨ ـ ٥٩) فبيّن أنّا لم نخلق المنيّ (٣) لتعذّره علينا ، فوجب أن يكون الخالق غيرنا.
***
ومنه نوع منطقيّ وهو استنتاج النتيجة من مقدمتين ، وذلك من أول سورة الحج إلى قوله : (وَأَنَّ اللهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ) (الآية : ٧) ، فنطق على خمس نتائج من عشر مقدمات ؛ فالمقدمات من أول السورة [إلى قوله] (٤) : (وَأَنْبَتَتْ (٥) مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ) (الحج : ٥) ، والنتائج من قوله : (ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُ) (الحج : ٦) إلى قوله : (وَأَنَّ اللهَ يَبْعَثُ) [٢٤٧ / أ](مَنْ فِي الْقُبُورِ) (الحج : ٧).
وتفصيل ترتيب المقدمات والنتائج أن يقول : أخبر الله أنّ زلزلة الساعة شيء عظيم ، وخبره هو الحق ، ومن أخبر عن الغيب بالحق فهو حق بأنه هو الحق ، وأنه يأتي بالساعة على ٣ / ٤٧٠ تلك الصفات ولا يعلم صدق الخبر إلا بإحياء الموتى ليدركوا ذلك ، ومن يأتي بالساعة يحيي الموتى ؛ فهو يحيي الموتى. وأخبر أنه يجعل الناس من هول الساعة سكارى لشدة العذاب ، ولا يقدر على عموم الناس لشدة العذاب إلا من هو على كل شيء قدير ؛ فإنه على كل شيء قدير. وأخبر أنّ الساعة يجازى فيها من يجادل في الله بغير علم ، ولا بدّ من مجازاته ، ولا يجازى حتى تكون الساعة آتية ، ولا تأتي الساعة حتى يبعث من [في] (٦) القبور ، فهو يبعث
__________________
(١) في المخطوطة (لم).
(٢) في المخطوطة زيادة عبارة وهي (والمغلوب ليس ماله).
(٣) في المخطوطة (المعنى) تصحيف.
(٤) ليست في المطبوعة.
(٥) في المخطوطة (وأنبتنا) وعليه تكون الآية (٧) من سورة (ق).
(٦) ساقطة من المخطوطة.