ويحتمل أن يقال : المعطوف عليه مطلق الغيب ، والمعطوف غيب خاصّ ، فيكون من عطف الخاصّ على العام.
وجعل منه بعضهم قوله [تعالى] (١) : (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتابِ الْمُنِيرِ) (فاطر : ٢٥) ، فإن المراد بالكتاب المنير هو الزّبور ، ونقله عن إجماع المفسرين لما تضمنه من النعت ، كما تعطف النعوت بعضها على بعض ؛ وهذا يردّه تكرار الباء ، فإنه يشعر بالفصل ، لأن فائدة تكرار العامل بعد حرف العطف إشعار بقوة الفصل من الأول والثاني ، وعدم التجوز في عطف الشيء على نفسه. ٢ / ٤٧٥
والذي يظهر أنه للتأسيس (٢) ، وبيانه وجوه :
أحدها أن قوله تعالى : (جاءَتْهُمْ) يعود الضمير فيه على المكذبين للنّبيّ صلىاللهعليهوسلم وعلى (٣) الذين من قبلهم ، فيكون النّبيّ صلىاللهعليهوسلم داخلا في المرسلين المذكورين ، والكتاب المنير هو القرآن ، وقوله [تعالى] (٤) : (ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا) (فاطر : ٢٦) ، معطوف على قوله [تعالى] (٤) : (فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) (فاطر : ٢٥) أي كذبوا ثم أخذتهم (٥) بقيام الحجة عليهم (بِالْبَيِّناتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتابِ الْمُنِيرِ) (فاطر : ٢٥). وجاء تقديم قيام الحجة عليهم قبل العطف اعتراضا للاهتمام به ، وهو من أدق وجوه البلاغة. ومثله في آية آل عمران قوله (٦) [تعالى] (٧) : ([وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ] (٨) فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ الآية) (٩) (آل عمران : ١٨٤) ، وقوله : (جاؤُ) انصراف (٩) من الخطاب إلى الغيبة ، كأنه قال : «جاء هؤلاء المذكورون» ، فيكون النبي صلىاللهعليهوسلم داخلا في الضمير ؛ وهو في موضع «جئتم بالبينات» فأقام الإخبار [١٥٤ / ب] عن الغائب مقام المخاطب ، كقوله [تعالى] (١٠) : (وَجَرَيْنَ (١١) بِهِمْ
__________________
(١) ليست في المخطوطة.
(٢) في المخطوطة (للمتأملين).
(٣) في المخطوطة (عن).
(٤) ليست في المخطوطة.
(٥) في المخطوطة (أخذت).
(٦) في المخطوطة (وقوله).
(٧) ليست في المخطوطة.
(٨) ليست في المطبوعة.
(٩) تصحفت في المخطوطة إلى (أنصارفا).
(١٠) ليست في المخطوطة.
(١١) في المطبوعة (جرين).