فأذهب بصره(اقتص له بعين واحدة) لأن ذلك هو المماثل للجناية.
(قيل) ـ والقائل ابن الجنيد والشيخ في أحد قوليه وجماعة ـ : (وله مع القصاص) على ذي العينين(نصف الدية) لأنه أذهب بصره أجمع وفيه الدية ، وقد استوفى منه ما فيه نصف الدية وهو العين الواحدة فيبقى له النصف ، ولرواية محمد بن قيس عن الباقر عليهالسلام قال : «قضى أمير المؤمنين عليهالسلام في رجل أعور أصيبت عينه الصحيحة ففقئت ، ان تفقأ إحدى عيني صاحبه ويعقل له نصف الدية وإن شاء أخذ دية كاملة ويعفو عن عين صاحبه» ومثلها رواية عبد الله بن الحكم عن الصادق عليهالسلام.
ونسبة المصنف الحكم إلى القيل مشعرة بردّه أو توقفه ، ومنشؤه قوله تعالى : (وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ) (١) فلو وجب معها شيء آخر لم يتحقق ذلك (٢) خصوصا على
______________________________________________________
ـ فقأ عين رجل أعور ، فقال : الدية كاملة فإن شاء الذي فقئت عينه أن يقتص من صاحبه ويأخذ منه خمسة آلاف درهم فعل ، لأن له الدية كاملة وقد أخذ نصفها بالقصاص) (١).
ونقل عن المفيد والشيخ في الخلاف وابن إدريس ومال إليه المحقق والعلامة في التحرير أنه مع القصاص لا ردّ للأصل ، ولعموم قوله تعالى : (الْعَيْنَ بِالْعَيْنِ) (٢) ، وردّ بمنع عمومية العين فإنه مفرد معرّف لا عموم فيه حتى يتمسك به ، ولو سلّم بأن فيه عموما فهو مخصص بالأخبار الواردة في عين الأعور ، وردّ أيضا بأن قوله تعالى المتقدم إنما هو حكاية عن التوراة ولا يلزم حكمها في شرعنا ، وأجيب عنه بأن الآية مقررة في شرعنا لرواية زرارة عن أحدهما عليهماالسلام في قوله تعالى : (أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) الآية (قال عليهالسلام : هي محكمة) (٣) ، وهي محكمة أيضا لقوله تعالى عقيب هذه الآية : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمٰا أَنْزَلَ اللّٰهُ فَأُولٰئِكَ هُمُ الظّٰالِمُونَ) (٤) ومن للعموم تشمل المسلمين مع أن الظلم حرام وتركه واجب ولا يتم ترك الظلم إلا بالحكم بمضمون الآية السابقة.
(١) المائدة الآية : ٤٥.
(٢) من مقابلة العين للعين.
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ٢٧ ـ من أبواب ديات الأعضاء حديث ٤.
(٢) المائدة الآية : ٤٥.
(٣) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب قصاص الطرف حديث ٥.
(٤) المائدة الآية : ٤٥.