(والصائح بالطفل (١) ، أو المجنون ، أو المريض) مطلقا (٢) (أو الصحيح على حين غفلة يضمن) في ماله أيضا ، لأنه خطأ مقصود.
(وقيل) والقائل الشيخ في المبسوط : إن الضامن(عاقلته) جعلا له من قبيل الأسباب وهو ضعيف (٣) ، ولأن ضمان الغير جناية غيره على خلاف الأصل. فلا يصار إليه بمثل ذلك (٤).
ولو كان الصياح بالصحيح الكامل على غير غفلة فلا ضمان ، لأنه ليس من أسباب الإتلاف ، بل هو اتفاقي ، لا بسبب الصيحة ، إلا أن يعلم استناده إليها فالدية.
______________________________________________________
(١) الصياح كغيره من الأفعال الصادرة عن الإنسان ، فيرجع فيها إلى القواعد المقررة في باب الجنايات ، وعليه فلو صاح ببالغ صحيح غير غافل فمات فلا دية لعدم العلم باستناد الموت إلى الصيحة ، بل قيل : للعلم بعدم استناد الموت للصيحة لأن الموت حينئذ اتفاقي ، نعم لو قامت قرائن على استناد الموت إلى الصيحة توجب العلم اتجه الضمان في ماله لأنه شبيه العمد ، إذ لم يقصد الصائح القتل وقصد الفعل الذي لم يقتل غالبا فاتفق الموت.
وأما الصياح بالبالغ الغافل بحيث فاجأه بالصيحة فمات ، أو الصياح بالطفل سواء كان غافلا أو لا ، وكذا الصياح بالمجنون والمريض مع غفلتهما أو بدونها فلو تحقق الموت فيلزمه الدية في ماله لأنه شبيه العمد حيث لم يقصد القتل وقد قصد الفعل الذي لم يقتل غالبا بالنسبة للمذكورين ، هذا ما عليه الأكثر.
وذهب الشيخ إلى أن الدية على العاقلة جعلا له من باب الأسباب ، وهو ضعيف لأن الأسباب تقتضي كون الدية عليه لا على العاقلة كما التزم به في النائم. هذا من جهة ومن جهة أخرى فتفريق المشهور بين الغافل وغيره وبين البالغ وغيره وبين الصحيح والمريض ليس في محله على نحو الإطلاق بل يجب أن ينصب الكلام في كيفية الصيحة وسامعها وزمانها ومكانها وغير ذلك من أحوالها بحيث إن أوجبت القتل كانت الدية في ماله بل وإن قصد بها القتل كانت قتلا عمديا موجبا للقصاص.
وإن لم توجب القتل ولم يقصد بها القتل أيضا كانت من شبيه العمد بلا فرق بين الجميع تحكيما للقواعد المقررة في تشخيص شبيه العمد ، وموردنا منه.
(٢) غافلا كان أو لا.
(٣) إذ لو كان من الأسباب كما هو الحق لوجبت الدية في ماله لكونه شبيه العمد.
(٤) أي بقاعدة الأسباب ، بل بما تقرر في باب الجنايات.