المضاف الإعراب ، فلذلك قرأ السبعة كلهم إلا نافعا برفع اليوم على الإعراب ؛ لأنه خبر المبتدأ ، وقرأ نافع وحده بفتح اليوم على البناء.
والبصريون يمنعون في ذلك البناء ، ويقدّرون الفتحة إعرابا (١) مثلها في «صمت يوم الخميس» ، والتزموا لأجل ذلك أن تكون الإشارة ليست لليوم ، وإلا لزم كون الشيء ظرفا لنفسه ، والثاني كقول الشاعر :
٢٦ ـ تذكّر ما تذكّر من سليمى |
|
على حين التّواصل غير دان |
______________________________________________________
٢٦ ـ هذا بيت من بحر الوافر ، ولم أقف لهذا البيت على نسبة إلى قائل معين ، وقد أنشده المؤلف في أوضحه (رقم ٣٣٧) والأشموني في باب الإضافة (رقم ٦٢١).
الإعراب : «تذكر» فعل ماض ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو ، «ما» اسم موصول بمعنى الذي مفعول به لتذكر ، مبني على السكون في محل نصب ، «تذكر» فعل ماض ، وفيه ضمير مستتر جوازا هو فاعله ، والجملة لا محل لها صلة ، والعائد محذوف ، وأصله ضمير منصوب بتذكر الثاني ، والتقدير : تذكر الذي تذكره ، «من سليمى» جار ومجرور متعلق بتذكر أو بمحذوف حال من ما الموصولة ، «على» حرف جر ، «حين» يروى بالجر على أنه معرب ويروى بالفتح على أنه مبني ، وعلى كل حال هو مجرور بعلى إما لفظا وإما محلّا ، والجار والمجرور متعلق بتذكر الأول ، «التواصل» مبتدأ ، «غير» خبره وغير مضاف و «داني» مضاف إليه ، وهذه الياء متولدة عن إشباع الكسرة لأن ياء المنقوص المنون تحذف للتخلص من التقاء الساكنين ، والجملة من المبتدأ والخبر في محل جر بإضافة حين إليها.
الشّاهد فيه : قوله «على حين التواصل غير دان» حيث روي لفظ «حين» على وجهين : الأول :
__________________
(١) إذا قرأت «يوم» بالرفع فهو خبر عن «هذا» واسم الإشارة يراد به اليوم ، ويوم حينئذ معرب ، وهذا الوجه لا يخالف فيه البصريون ولا الكوفيون ، وإذا قرأت «يوم» بفتح الميم غير منون فالكوفيون يجيزون أن تكون هذه الفتحة بناء ، وعلى هذا يكون «يوم» خبرا عن هذا ، مبنيّا على الفتح في محل رفع ، والإشارة لليوم أيضا ، والمعنى هو المعنى الذي تدل عليه قراءة الرفع ، وكأنه قيل : هذا اليوم هو يوم ينفع الصادقين صدقهم. والبصريون لا يجيزون أن يكون «يوم» مبنيّا ، وتخريج الآية الكريمة على مذهبهم في قراءة فتح الميم من «يوم» أن تجعل «هذا» مبتدأ ، وخبره محذوفا ، وعلى هذا يكون «يوم» ظرف زمان متعلقا بقال ، وكأنه قيل : قال الله في يوم ينفع الصادقين صدقهم هذا جزاء صدقك ، ويجوز وجه آخر ، وهو أن يكون «يوم» ظرف زمان متعلقا بمحذوف خبر عن «هذا» ، وعلى هذا تكون الإشارة للسؤال الواقع من الله تعالى ، والجواب الواقع من عيسى عليهالسلام ، وكأنه قيل : هذا الذي ذكر من سؤال الله تعالى لعيسى وجواب عيسى عليهالسلام واقع في اليوم الذي ينفع فيه الصادقين صدقهم ، فافهم هذا التحقيق ؛ فإنه نفيس وقد حاولت تيسير عبارته عليك ، والله ينفعك به.