وخلاصة القول في ذلك أن «لا» إذا كانت للنفي ، وكان المراد بذلك النّفي استغراق الجنس بأسره بحيث لا يخرج عنه واحد من أفراده ، وكان الاسم مفردا ـ ونعني بالمفرد هنا وفي باب النداء : ما ليس مضافا ولا شبيها بالمضاف ، ولو كان مثنّى أو مجموعا ـ فإنه حينئذ يستحق البناء على الفتح في مسألتين ، والبناء على الياء في مسألتين ، والبناء على الكسر أو الفتح في مسألة واحدة.
أما ما يستحق فيه البناء على الفتح فضابطه : أن يكون الاسم غير مثنّى ولا مجموع ، نحو رجل وفرس ، ، أو مجموعا جمع تكسير ، نحو رجال وأفراس ، تقول : «لا رجل في الدار» و «لا فرس عندنا» و «لا رجال في الدّار» و «لا أفراس عندنا».
وأما ما يستحق فيه البناء على الياء فضابطه : أن يكون الاسم مثنّى أو جمع مذكر سالما ، نحو «لا رجلين» و «لا قائمين» قال الشاعر :
٢٨ ـ تعزّ فلا إلفين بالعيش متّعا |
|
ولكن لورّاد المنون تتابع |
وقال الآخر :
______________________________________________________
٢٨ ـ هذا بيت من الطويل ، ولم أقف لهذا الشاهد على نسبة إلى قائل معين ، وقد أنشده المؤلف في أوضحه (رقم ١٥٧) وأنشده الأشموني أيضا (رقم ٢٩٤).
اللّغة : «إلفين» مثنى إلف ـ بكسر الهمزة وسكون اللام ـ وهو الصاحب الأليف ، وأصله مصدر ؛ بدليل قول الشاعر :
زعمتم أنّ إخوتكم قريش |
|
لهم إلف وليس لكم إلاف |
ثم استعمل وصفا مثل النقض والنكس ـ بكسر أولهما وسكون ثانيهما ، «وراد» جمع وارد ، «تتابع» بضم الباء ـ مصدر تتابع الناس ، إذا تبع بعضهم بعضا.
الإعراب : «تعز» فعل أمر ، مبني على حذف الألف ، والفتحة قبلها دليل عليها. وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، «فلا» الفاء حرف دال على التفريع ، لا : نافية للجنس ، «إلفين» اسم لا ، مبني على الياء في محل نصب ، «بالعيش» جار ومجرور متعلق بقوله «متع» الآتي ، «متعا» متع : فعل ماض مبني للمجهول ، وألف الاثنين نائب فاعله ، والجملة في محل رفع خبر لا ، «ولكن» الواو عاطفة ، لكن : حرف استدراك ، «لوراد» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم ، وراد مضاف و «المنون» مضاف إليه ، «تتابع» مبتدأ مؤخر.