أن «أمس» يصغّر فيعرب عند الجميع ، كما يعرب إذا كسّر ، ونصّ سيبويه على أنه لا يصغّر وقوفا منه على السماع ، والأولون اعتمدوا على القياس ، ويشهد لهم وقوع التكسير ؛ فإن التكسير والتصغير أخوان ، وقال الشاعر :
٤٤ ـ فإنّي وقفت اليوم والأمس قبله |
|
ببابك حتّى كادت الشّمس تغرب |
______________________________________________________
٤٤ ـ هذا بيت من الطويل ، وهو من كلام نصيب بن رباح الأموي بالولاء.
الإعراب : «إني» إن : حرف توكيد ونصب ، وياء المتكلم اسمه ، مبني على السكون في محل نصب ، «وقفت» فعل وفاعل ، والجملة في محل رفع خبر إن ، «اليوم» ظرف زمان منصوب على الظرفية ، والعامل فيه وقفت ، «والأمس» معطوف على الظرف السابق ، ويروى بالنصب على أنه معرب منصوب على الظرفية بالفتحة الظاهرة ، ويروى بالجر فإما أن تقدره مبنيّا على الكسر في محل نصب ، وإما أن تقدره منصوبا بفتحة مقدرة على آخره منع ظهورها اشتغال المحل بحركة التوهم ، فكأن الشاعر بعد أن قال «وقفت اليوم» توهم أنه قد أدخل «في» على الظرف لأنها مما يكثر دخولها في مثل هذا الكلام فقال «وقفت في اليوم» فجر الأمس بالعطف على اليوم المجرور ، وذلك كما تقول : «ليس محمد قائما ولا قاعد» فتجر قولك «قاعد» على توهم أنك قد قلت «ليس محمد بقائم ولا قاعد» ، وقول الشاعر «ببابك» الجار والمجرور متعلق بوقفت ، وباب مضاف وضمير المخاطب مضاف إليه ، «حتى» حرف غاية وجر ، «كادت» كاد : فعل ماض ناقص ، والتاء للتأنيث ، «الشمس» اسم كاد ، «تغرب» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي يعود إلى الشمس ، والجملة في محل نصب خبر كاد.
الشّاهد فيه : قوله «الأمس» فإن الظرف في اللفظ قد دخلت عليه «أل» ، وليس في العرب من يبنيه في هذه الحال ، وذلك لأن أل من خصائص الأسماء ؛ فوجودها في الكلمة مبعد من شبهها بالحرف الذي هو علة البناء ، ولكن الرواية قد وردت فيه بالنصب ولا إشكال فيها ، ووردت كذلك بالكسر وهي محل إشكال وقد خرجها العلماء على أحد وجهين ؛ الأول : البناء ، وذكروا أن محل وجوب الإعراب إذا كانت أل معرفة ، وهي هنا ليست معرفة ، بل هي عندهم في هذا البيت زائدة ، والوجه الثاني تقدير أنه معرب وإنما جره بالتوهم ، وقد بيناه في الإعراب.
__________________
ماض دال على التعجب ، مبني على الفتح لا محل له من الإعراب ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره هو يعود إلى ما التعجبية ، أمس : مفعول به لأطيب ، منصوب بالفتحة الظاهرة ، وأمس مضاف والضمير مضاف إليه ، وجملة فعل التعجب وفاعله ومفعوله في محل رفع خبر المبتدأ الذي هو ما.