٧٨ ـ تمنّى ابنتاي أن يعيش أبوهما |
|
وهل أنا الّا من ربيعة أو مضر؟ |
فضرورة إن قدّر الفعل ماضيا ، وأما إن قدّر مضارعا ـ وأصله تتمنّى فحذفت إحدى التاءين كما قال تعالى : (فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى) [الليل ، ١٣] ـ فلا ضرورة.
______________________________________________________
٧٨ ـ هذا بيت من الطويل للبيد بن ربيعة العامري ، من أبيات له أربعة يقولها لابنتيه ، وهو أول هذه الأبيات ، وبعده قوله :
فقوما وقولا بالّذي تعلمانه |
|
ولا تخمشا وجها ولا تحلقا شعر |
وقولا هو المرء الذي لا صديقه |
|
أضاع ، ولا خان الخليل ، ولا غدر |
إلى الحول ثمّ اسم السّلام عليكما |
|
ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذر |
اللّغة : «تمنى» يجوز أن يكون فعلا ماضيا مثل تقدم وتذكر وتقدس ؛ ويجوز أن يكون فعلا مضارعا ، وأصله تتمنى مثل تتزكى وتتقدم وتتهذب ، ثم حذف إحدى التاءين ؛ لأن كل فعل تصدر بتاءين زائدتين جاز لك حذف إحداهما ، كما حذفت من قوله تعالى : (فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى) [الليل ، ١٤] ، والأصل تتلظى ، ومن قوله تعالى : (فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى) [عبس ، ٦] ، وأصله تتصدى ، ونحو ذلك كثير في القرآن ، وفي الفصيح المستعمل من لغة العرب «ربيعة أو مضر» هما ابنا نزار بن معد بن عدنان ، وهم أبوا العرب العدنانيين ، ويراد بمثل هذا التعبير معنى : وهل أنا إلا من الناس ينزل بي ما ينزل بكل واحد منهم.
الإعراب : «تمنى» فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف ، أو فعل مضارع مرفوع بضمة مقدرة على الألف ، «ابنتاي» ابنتا : فاعل مرفوع بالألف نيابة عن الضمة لأنه مثنى وهو مضاف وياء المتكلم مضاف إليه ، «أن» حرف مصدري ونصب ، «يعيش» فعل مضارع منصوب بأن ، «أبو هما» أبو : فاعل يعيش ، مرفوع بالواو نيابة عن الضمة لأنه من الأسماء الستة ، وهو مضاف وضمير الغائب مضاف إليه ، وأن المصدرية وما دخلت عليه في تأويل مصدر يقع مفعولا به لتمنى ، وتقدير الكلام : تمنى ابنتاي عيش أبيهما ، «وهل» الواو للاستئناف ، هل : حرف استفهام ، «أنا» ضمير منفصل مبتدأ ، «إلا» أداة حصر ، «من ربيعة» جار ومجرور بالفتحة نيابة عن الكسرة متعلق بمحذوف خبر المبتدأ ، «أو» حرف عطف «مضر» معطوف على ربيعة ، وسكن لأجل الوقف.
الشّاهد فيه : قوله «تمنى ابنتاي» فإن «ابنتاي» مثنى ابنة ، وهي مؤنثة حقيقية التأنيث ، وقد وقع هذا اللفظ فاعلا لقوله «تمنى» فإن قدرت هذا الفعل ماضيا كان خاليا من علامة التأنيث ؛ لأن علامة التأنيث في الفعل الماضى تاء ساكنة تتصل بآخره ، فعلى ذلك كان ينبغي أن يقول : تمنت ابنتاي ، ولو قدرت هذا الفعل مضارعا محذوف إحدى التاءين كان مؤنثا ؛ لأن علامة التأنيث في الفعل المضارع تاء متحركة تتصل بأوله ، وكل ما في الباب أن هذه التاء حذفت ، والمحذوف لسبب كالثابت في