و «ما مضروب العمران».
وأقول : الثالث من المرفوعات : المبتدأ ، وهو نوعان : مبتدأ له خبر ، وهو الغالب ، ومبتدأ ليس له خبر ، لكن له مرفوع يغني عن الخبر.
ويشترك النوعان في أمرين ؛ أحدهما : أنهما مجرّدان عن العوامل اللفظية ، والثاني : أن لهما عاملا معنويّا ـ وهو الابتداء ـ ونعني به كونهما على هذه الصورة من التجرد للإسناد.
ويفترقان في أمرين ؛ أحدهما : أن المبتدأ الذي له خبر يكون اسما صريحا ، نحو : «الله ربّنا» و «محمّد نبيّنا» ومؤوّلا بالاسم ، نحو : (وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ) [البقرة ، ١٨٤] ، أي وصيامكم خير لكم ، ومثله قولهم «تسمع بالمعيديّ خير من أن تراه» (١) ، ولذلك قلت «المجرد» ولم أقل الاسم المجرد.
ولا يكون المبتدأ المستغني عن الخبر في تأويل الاسم ألبتة ، بل ولا كل اسم ، بل [يكون] اسما هو صفة ، نحو «أقائم الزّيدان» و «ما مضروب العمران».
والثاني : أن المبتدأ الذي له خبر لا يحتاج إلى شيء يعتمد عليه ، والمبتدأ المستغني عن الخبر لا بد أن يعتمد على نفي أو استفهام كما مثّلنا ، وكقوله :
______________________________________________________
٨٤ ـ خليليّ ما واف بعهدي أنتما |
|
إذا لم تكونا لي على من أقاطع |
٨٤ ـ هذا بيت من الطويل ، ولم أقف لهذا الشاهد على نسبة إلى قائل معين ، وقد استشهد به الأشموني (رقم ١٣٦) والمؤلف في أوضحه (رقم ٦٤) وفي القطر (رقم ٣٨).
الإعراب : «خليلي» منادى بحرف نداء محذوف ، منصوب بالياء لأنه مثنى ، وهو مضاف وياء المتكلم المدغمة في ياء الإعراب مضاف إليه ، «ما» نافية ، «واف» مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة على الياء المحذوفة للتخلص من التقاء الساكنين ، «بعهدي» بعهد : جار ومجرور متعلق بواف ، وعهد مضاف وياء المتكلم مضاف إليه ، «أنتما» فاعل بواف سد مسد الخبر ، «إذا» ظرفية تضمنت معنى الشرط ، «لم» نافية جازمة ، «تكونا» فعل مضارع ناقص مجزوم بلم ، وعلامة جزمه حذف النون ، وألف الاثنين اسم تكون ، «لي» جار ومجرور متعلق بتكون ، «على» حرف جر ، «من» اسم
__________________
(١) قد تكلمنا على هذا المثل كلاما وافيا فارجع إليه في (ص ٤١ و ١٨٥) من هذا الكتاب.