لاقتران الاسم بإن ، ولا في نحو قوله سبحانه : (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ) [آل عمران ، ١٤٤] ، (وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ) [القمر ، ٥٠] لاقتران الخبر بإلّا ، ولا في نحو قولهم في المثل «ما مسيء من أعتب» (١) لتقدم خبرها ، ولا في نحو قوله :
______________________________________________________
مضاف إليه ، «ما» نافية «إن» زائدة ، «أنتم» ضمير منفصل مبتدأ ، «ذهب» خبر المبتدأ ، «ولا» الواو عاطفة ، لا : زائدة لتأكيد النفي «صريف» معطوف بالواو على ذهب ، «ولكن» الواو عاطفة ، ولكن : حرف استدراك ، «أنتم» ضمير منفصل مبتدأ ، «الخزف» خبر المبتدأ ، وجملة المبتدأ والخبر معطوفة بالواو على جملة المبتدأ والخبر السابقة.
الشّاهد فيه : قوله «ما إن أنتم ذهب» فإن «ما» هذه نافية ، وقد وقع بعدها «إن» وإن هذه تحتمل أن تكون زائدة لا تدل على شيء سوى مجرد التوكيد ، وتحتمل أن تكون دالة على النفي ، وهذا النفي يجوز أن يكون لتأكيد النفي المستفاد أولا من ما ، كما يجوز أن يكون نفيا للنفي المستفاد من ما فيكون الكلام دالا على إثبات كونهم ذهبا أو فضة ، فإذا اعتبرت «إن» هذه زائدة أبطلت عمل ما ؛ فرفعت بعدها المبتدأ والخبر ، وإن اعتبرت «إن» هذه نافية : فإما أن تجعلها مؤكدة للنفي المستفاد من «ما» من باب التوكيد اللفظي بإعادة اللفظ الأول بمرادفه في المعنى ، نحو قولك : «نعم جير» وإما أن تجعلها نافية لنفي «ما» فيكون ما بعدها مثبتا ؛ لأن نفي النفي إثبات ؛ فعلى الثاني يبطل عمل «ما» أيضا ؛ لأن من شروط العمل بقاء النفي ، وعلى الأول تعملها.
وقد وردت الرواية في هذا البيت بنصب «ذهب» وبرفعه ؛ فتخرج رواية نصبه على وجه واحد ، هو جعل «إن» نافية مؤكدة لنفي «ما» وتخرج رواية رفعه على أحد وجهين : إما على جعل «إن» زائدة ، وإما على جعلها نافية للنفي الذي أفادته ما ، غير أن المعنى المقصود لقائل هذا البيت لا يلتئم مع هذا الوجه الأخير ، فافهم ذلك كله.
ثم اعلم أن المؤلف راعى أشهر الروايتين ، واعتبر «إن» زائدة ؛ فقضى عليك بإهمال «ما» ، فاعرفه أيضا.
ومثله قول فروة بن مسيك المرادي ، وهو من شواهد سيبويه (١ / ٤٧٥) والكامل للمبرد (١ / ٢٠٠) :
وما إن طبّنا جبن ، ولكن |
|
منايانا ودولة آخرينا |
__________________
(١) هذا مثل من أمثال العرب ، ومسيء : اسم فاعل من الإساءة ، وهو خبر مقدم ، وأعتب : أي أتى بما يزيل العتاب ويذهبه بفعل ما يرضى العاتب ، ومن : اسم موصول مبتدأ مؤخر ، وجملة «أعتب» صلة.