القسم الثاني : ما الغالب اقترانه بها ، وهو عسى وأوشك (١) ، مثال ذكر «أن» قول الله تعالى : (عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ) [الإسراء ، ٨] ، وقول الشاعر :
١٢٧ ـ ولو سئل النّاس التّراب لأوشكوا |
|
إذا قيل هاتوا ـ أن يملّوا فيمنعوا |
______________________________________________________
مضاف و «شمس» مضاف إليه ، «فحرى» الفاء واقعة في جواب الشرط ، حرى : فعل ماض ناقص «أن» حرف مصدري ونصب ، «يكون» فعل مضارع تام منصوب بأن ، وفيه ضمير مستتر هو فاعله ، وأن مع ما دخلت عليه في تأويل مصدر خبر حرى «ذاك» ذا : اسم إشارة اسم حرى ، مبني على السكون في محل رفع ، والكاف حرف خطاب ، «وكانا» الواو عاطفة ، وكان : فعل ماض تام ، وفاعله ضمير مستتر فيه ، والألف للإطلاق.
الشّاهد فيه : قوله «حرى أن يكون ذاك» حيث استعمل حرى فعلا دالّا على الرجاء ، وجاء بخبره مضارعا مقرونا بأن ، والمؤلف يرد بهذا على من أنكر ثبوت هذا الفعل.
ويقول أبو رجاء عفا الله عنه : إن في دلالة هذا البيت مقالا ؛ فإنه لم يثبت في ديوان الأعشى الذي رواه وشرحه أبو العباس ثعلب ، وأيضا فبعد تسليم ثبوته لا يكون نصّا فيما زعمه المؤلف ؛ لجواز أن يكون «حرى» اسما منونا أيضا ، وهو خبر مقدم ، و «أن يكون» في تأويل مصدر هو مبتدأ مؤخر ، فإن قلت : فالرواية عند هؤلاء بغير تنوين ، قلت : لا يبعد أن يكون حذف التنوين على نية الوقف كما يقولون ، والحاصل أن النفس غير مطمئنة إلى الاستدلال بهذا البيت.
١٢٧ ـ هذا بيت من الطويل ، وهو من الشواهد التي لم أقف لها على نسبة إلى قائل معين ، وقد ذكره المؤلف في أوضحه (رقم ١٢٣) وابن عقيل (رقم ٩٠) وأنشده ثعلب في أماليه (٢ / ٣٦٥) ولم ينسبه ، والأشموني (رقم ٢٣٨) ، وقبل بيت الشاهد قوله :
__________________
(١) الذي ذكره المؤلف ـ من أن الغالب في المضارع الواقع خبرا لعسى أن يقترن بأن المصدرية ، وغير الغالب أن يتجرد منها ـ هو مذهب سيبويه ، وهو الذي اختاره العلامة ابن مالك في الألفية ، وذهب جمهور البصريين إلى أن تجرد المضارع الواقع خبرا لعسى من أن المصدرية خاص بضرورة الشعر ، وهذا المذهب هو الموافق للقياس ، وهو الذي ينطبق على التعليل الذي ذكرناه في وجوب اقتران خبر حرى واخلولق بأن المصدرية ؛ فإن عسى فعل دال على الرجاء مثلهما ، وأما أوشك فلكونها تأتي أحيانا للدلالة على الرجاء فتكون مثل عسى ، وأحيانا تأتي للدلالة على مقاربة حصول الخبر ـ وهذا المعنى الثاني هو الذي ذكره المؤلف فيها ـ لم تصر بمنزلة فعل الرجاء حتى يتعين في خبرها أن يقترن بأن المصدرية ، ولو أنه لوحظ فيها أحد المعنيين بخصوصه لما كان ذلك حكمها ؛ فلو لوحظ دلالتها على المقاربة لترجح تجرد خبرها من أن المصدرية ككرب وكاد الآتيين ، ولو لوحظ دلالتها على الرجاء وحده لوجب اقتران خبرها بأن كحرى.