وذلك لأن الفاء لو كانت عاطفة لجزم ما بعدها ، ولو كانت للسببية انتصب ما بعدها ، فلما ارتفع دل على أنها للاستئناف ، وقال الله تعالى : (وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ)(١) الفاء هنا عاطفة كما سيأتي.
الثاني : أن يكونا مسبوقين بنفي أو طلب ؛ فلا يجوز النصب في نحو : «زيد يأتينا فيحدّثنا» فأما قوله :
١٤٩ ـ سأترك منزلي لبني تميم |
|
وألحق بالحجاز فأستريحا |
______________________________________________________
الاستئناف ، ينطق : فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الربع ، «وهل» الواو عاطفة ، هل : حرف استفهام ، «تخبرنك» تخبر : فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة ، والكاف ضمير المخاطب مفعول به لتخبر ، «بيداء» فاعل تخبر ، «سملق» نعت لبيداء.
الشّاهد فيه : قوله «فينطق» حيث رفع الفعل المضارع ، الذي هو ينطق ، بعد الفاء مع كون هذه الفاء مسبوقة بالاستفهام ، وذلك بسبب أن هذه الفاء ليست دالة على السببية ، وإلا لنصب الفعل بعدها ، وليست عاطفة ، وإلا لجزم الفعل بعدها ، لكونه حينئذ يكون معطوفا على مجزوم هو قوله «تسأل» وإنما هذه الفاء في هذا الموضع حرف دالّ على الاستئناف.
١٤٩ ـ هذا بيت من الوافر من كلام المغيرة بن حبناء ، وحبناء أمه ، وقد أنشده سيبويه (١ / ٤٢٣).
اللّغة : «أترك منزلي» يريد أنه يفارقه ولا يقيم فيه ، «لبني تميم» كنى بتركه منزله لهم عن كونهم لا يستحقون أن يعيش معهم أو يعاشرهم ، بسبب أنهم لا يحافظون على حرمة جارهم ولا يرعون حقوقه «أستريحا» أراد أنه يقدر هناك لنفسه السلامة من التكدير والتنغيص.
الإعراب : «سأترك» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا ، «منزلي» منزل : مفعول به منصوب بفتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة ، ومنزل مضاف وياء المتكلم مضاف إليه ، مبني على السكون في محل جر ، «لبني» جار ومجرور متعلق بأترك ، وبني مضاف ، و «تميم» مضاف إليه ، «وألحق» الواو عاطفة ، ألحق : فعل مضارع معطوف على أترك مرفوع بالضمة الظاهرة ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا ، «بالحجاز» جار ومجرور متعلق بألحق ، «فأستريحا» الفاء حرف دال على السببية ، أستريح : فعل مضارع منصوب بأن المضمرة بعد فاء السببية ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا ، والألف حرف إطلاق.
__________________
(١) سورة المرسلات ، الآية : ٣٦ ، والفاء في الآية الكريمة عاطفة غير دالة على السببية ، ومن أجل عدم دلالتها على السببية ارتفع المضارع بعدها.