وأما قوله تعالى : (إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ) [المائدة ، ١١٦] فالمعنى إن يتبيّن أني كنت قلته ، كقوله :
١٧٢ ـ * إذا ما انتسبنا لم تلدني لئيمة*
______________________________________________________
١٧٢ ـ هذا صدر بيت من الطويل لزائد بن صعصعة الفقعسي ، والبيت بكماله مع بيت سابق عليه هكذا :
رمتني عن قوس العدوّ ، وباعدت |
|
عبيدة ، زاد الله ما بيننا بعدا! |
إذا ما انتسبنا لم تلدني لئيمة |
|
ولم تجدي من أن تقرّي بها بدّا |
الإعراب : «إذا» ظرفية تضمنت معنى الشرط مبني على السكون في محل نصب ، «ما» زائدة ، «انتسبنا» فعل وفاعل ، والجملة في محل جر بإضافة إذا إليها ، وهذه الجملة هي شرط إذا ، «لم» نافية جازمة ، «تلدني» تلد : فعل مضارع مجزوم بلم ، وعلامة جزمه السكون ، والنون للوقاية ، والياء مفعول به ، والجملة لا محل لها جواب إذا ؛ لأن جواب الشرط غير الجازم لا محل له ، «ولم» الواو عاطفة ، لم : نافية جازمة ، «تجدي» فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف النون ، وياء المخاطبة فاعل ، «من» حرف جر ، «أن» حرف مصدري ونصب ، «تقري» فعل مضارع منصوب بأن ، وعلامة نصبه حذف النون ، وياء المخاطبة فاعل ، وأن مع ما دخلت عليه في تأويل مصدر مجرور بمن ، والجار والمجرور متعلق بقوله بدا الآتي ، «بها» جار ومجرور متعلق بتقري ، «بدا» مفعول به لتجدي.
الشّاهد فيه : قوله «إذا ما انتسبنا لم تلدني» فإن ظاهره أن جواب الشرط ـ وهو قوله «لم تلدني» ـ ماض في المعنى ، وإن كان فعلا مضارعا في اللفظ ، وذلك أن «لم» إذا دخلت على الفعل المضارع عملت فيه ثلاثة أشياء : أولها أنها تجعله منفيّا ، والثاني أنها تقلب معناه ماضيا بعد أن كان صالحا
__________________
ومن ذلك قول عائشة رضياللهعنها في مرض رسول الله صلىاللهعليهوسلم واستخلافه أباها أبا بكر الصديق رضياللهعنه على الصلاة : «إن أبا بكر رجل أسيف متى يقم مقامك رق» ومن ذلك قول قعنب بن أم صاحب من قصيدة له رواها الشريف ابن الشجري :
إن يسمعوا ريبة طاروا بها فرحا |
|
منّي ، وما يسمعوا من صالح دفنوا |
ومن ذلك قول الشاعر :
إن تصرمونا وصلناكم ، وإن تصلوا |
|
ملأتم أنفس الأعداء إرهابا |
ومن ذلك قول أبي زبيد الطائي :
من يكدني بسيّئ كنت منه |
|
كالشّجا بين حلقه والوريد |