فهذا في الجواب نظير الآية الكريمة في الشرط.
الثاني : أن لا يكون طلبا ، فلا يجوز «إن قم» ولا «إن ليقم» أو «إن لا يقم».
الثالث : أن لا يكون جامدا ، فلا يجوز «إن عسى» و «لا إن ليس».
الرابع : أن لا يكون مقرونا بتنفيس ، فلا يجوز «إن سوف يقم».
الخامس : أن لا يكون مقرونا بقد ، فلا يجوز «إن قد قام زيد» ولا «إن قد يقم».
السادس : أن لا يكون مقرونا بحرف نفي ؛ فلا يجوز «إن لمّا يقم» ولا «إن لن يقم» ويستثنى من ذلك لم ولا ؛ فيجوز اقترانه بهما ، نحو : (وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ) [المائدة ، ٦٧] ونحو : (إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ) [الأنفال ، ٧٣].
ثم بينت أن الفعل الثاني يسمى جوابا وجزاء ، تشبيها له بجواب السؤال وبجزاء الأعمال ، وذلك لأنه يقع بعد وقوع الأول كما يقع الجواب بعد السؤال ، وكما يقع الجزاء بعد الفعل المجازى عليه.
ثم قلت : وقد يكون واحدا من هذه ، فيقترن بالفاء ، نحو : (إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ) الآية (فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً) أو جملة اسميّة فيقترن بها أو بإذا الفجائيّة ، نحو (فَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) ونحو (إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ.)
وأقول : قد يأتي جواب الشرط واحدا من هذه الأمور الستة التي ذكرت أنها لا
______________________________________________________
للحال والاستقبال ، والثالث أنها تجزمه ، وأيضا فإن ولادته قد حصلت منذ أزمان بعيدة ، لكن هذا الظاهر غير مراد ؛ لأن الشاعر يريد أن يقول : إننا إذا تفاخرنا بأنسابنا تبين أنني لم تلدني لئيمة ، والتبيين مستقبل لا ماض ، فجواب الشرط في الآية كذلك ، وغرض المؤلف الاستدلال بهذا البيت على أن الفعل قد يكون ماضي المعنى في ظاهر الأمر ، ولكنه عند التأمل يرى مستقبلا ، أعم من أن يكون هذا الفعل فعل الشرط أو جوابه ، وإذا علمت هذا لم يسغ لك أن تقول : إن الكلام في فعل الشرط فكيف ساغ للمؤلف أن يجيء بشاهد لا يكون موطن الاستدلال فيه فعل الشرط؟ على أن المؤلف نفسه صرح بذلك في قوله «فهذا في الجواب نظير الآية الكريمة في الشرط» فتنبه لهذا والله يعصمك.