هذه العبارة أولى من عبارة من يقول «الألف واللام» (١) لأنه لا يقال في «هل» الهاء واللام ، ولا في «بل» الباء واللام ، وذلك كالرّجل والكتاب والدّار ، وقول أبي الطيب :
١ ـ الخيل واللّيل والبيداء تعرفني |
|
والسّيف والرّمح والقرطاس والقلم |
______________________________________________________
١ ـ هذا البيت من كلام أبي الطيب أحمد بن الحسين ، الذي نبزوه بالمتنبي ، وهو أحد شعراء عصر الدولة العباسية ، مدح سيف الدولة الحمداني في حلب ، وكافورا الإخشيدي في مصر ، وعضد الدولة البويهي ، وغيرهم ، ولد بالكوفة في سنة ٣٠٣ ه وتوفي منصرفه من شيراز في سنة ٣٥٥ من الهجرة ، وليس أبو الطيب ممن يحتج بشعره على قواعد اللغة والنحو والصرف ، ولكن المؤلف لم يذكر هذا البيت للاستشهاد به ، وإنما ذكره على سبيل التمثيل ، وفرق بين الأمرين ، فافهم ذلك.
اللّغة : «البيداء» الصحراء ، وسميت بذلك لأن سالكها يبيد فيها : أي يهلك ، وسميت أيضا مفازة من الفوز ـ وهو النجاة ـ تفاؤلا لسالكها بأن ينجو من مخاطرها ، كما سموا الجماعة المسافرة قافلة تفاؤلا لها بالقفول من سفرها : أي الرجوع منه والعودة إلى الأهل والوطن ، وكما سموا اللديغ سليما تفاؤلا له بالبرء والسلامة ، وجمع البيداء بيد ، وجمع المفازة مفاوز ، «القرطاس» ما يكتب فيه من ورق ونحوه.
المعنى : يصف نفسه بالشجاعة وجراءة القلب وبأنه كاتب عظيم.
__________________
رأيتك لمّا أن عرفت وجوهنا |
|
صددت وطبت النفس يا قيس عن عمرو |
فإن البصريين زعموا أن أل في قوله «النفس» زائدة لا تفيد ما دخلت عليه التعريف ، بسبب اشتراطهم في التمييز أن يكون نكرة ، فأما الكوفيون فلم يشترطوا في التمييز أن يكون نكرة ، وعليه تكون أل في النفس مفيدة للتعريف ، وخرج أيضا أل التي أصلها هل ، فأبدلت الهاء همزة فإن أل هذه تدخل على الفعل فيقال «أل فعلت» بمعنى هل فعلت.
(١) القاعدة المطردة أن الكلمة إن وضعت على حرف هجائي واحد كهمزة الاستفهام وباء الجر وواو العطف ، يطلق عليها اسم ذلك الحرف فيقال : الهمزة ، والباء ، والواو ، وما أشبه ذلك ، وإن كانت الكلمة موضوعة على حرفين فأكثر مثل هل وبل وقد وقط وكيف ـ نطق بالمسمى فيقال : هل ، وبل ، وقد ، ولا ينطق باسم الحروف فيقال : الهاء واللام ، والباء واللام ، والقاف والدال ، وما أشبه ذلك.