فهذه الكلمات السبع أسماء لدخول أل عليها.
فإن قلت : فكيف دخلت على الفعل (١) في قول الفرزدق :
______________________________________________________
٢ ـ ما أنت بالحكم التّرضى حكومته |
|
ولا الأصيل ولا ذي الرّأي والجدل |
الإعراب : «الخيل» مبتدأ ، «والليل ، والبيداء» معطوفان عليه ، «تعرفني : تعرف : فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي يعود إلى المبتدأ وما عطف عليه ، والنون للوقاية ، والياء مفعول به ، والجملة في محل رفع خبر ، «والسيف والرمح والقرطاس والقلم» معطوفات على المبتدأ أيضا ، أو السيف مبتدأ ثان ، وما بعده معطوف عليه ، وخبرهن محذوف ، والتقدير : والسيف والرمح والقرطاس والقلم تعرفني أيضا ، فحذف من الثاني لدلالة الأول عليه ، وعليه تكون جملة المبتدأ الثاني وخبره معطوفة على جملة المبتدأ الأول وخبره ؛ فتكون الواو التي في صدر الشطر الثاني قد عطفت جملة على جملة ، وسائر الواوات عطفت مفردات على مفردات.
التمثيل به : «الخيل ، والليل ، والبيداء ، والسيف ، والرمح ، والقرطاس ، والقلم» فإن هذه الكلمات السبع أسماء ؛ بدليل دخول «أل» على كل واحدة منها.
٢ ـ هذا البيت من كلام الفرزدق ، واسمه همام بن غالب ، تميمي بصري من شعراء عصر الدولة الأموية الفحول ، وممن يحتج بشعره ، وقد أنشد المؤلف هذا البيت في أوضحه (رقم ٣) ، وابن عقيل (رقم ٣٠) ، والأشموني (رقم ٩٧) ، والبيت في هجاء رجل من بني عذرة ، كان قد فضل جريرا على كل من الفرزدق والأخطل التغلبي النصراني في مجلس عبد الملك بن مروان الخليفة الأموي ، وكان
__________________
(١) اعلم أولا أن «أل» في قول الفرزدق «الترضى حكومته» وفي قول سلامان الطائي «اليتتبع» وفي قول ذي الخرق الطهوي «اليجدع» وقوله «اليتقصع» ليست حرف تعريف كالتي في نحو الدار والغلام والكتاب ، وإنما هي اسم موصول بمعنى الذي ، فالتقدير في بيت الفرزدق «الذي ترضى حكومته» ، وفي بيت سلامان «عن ذحلي الذي يتتبع» ، وفي قول ذي الخرق «الحمار الذي يجدع» و «الذي يتقصع» ، وسننشدك الأبيات المشار إليها مع بيان الاستشهاد ببيت الفرزدق. ثم اعلم أن النحاة يختلفون في مجيء صلة أل الموصولة فعلا مضارعا ، فذهب الكوفيون إلى أنه جائز في سعة الكلام. وقال الأزهري في التهذيب (٢ / ٢٨٥) : إنه لغة من لغات العرب ، وذهب البصريون إلى أنه لا يجوز في سعة الكلام ، وإنما يقع في ضرورة الشعر ، وذهب ابن مالك إلى أنه يقع في الكلام ولكنه قليل. فإذا عرفت هذا علمت أن من ذهب إلى أن «أل» الموصولة لا تدخل في الكلام على الفعل المضارع جعلها هي أيضا علامة على اسمية ما تدخل عليه ، وحكم بشذوذ الأبيات الوارد فيها ذلك ، وعلى هذا جرى المؤلف هنا ، ومن ذهب إلى أن «أل» الموصولة توصل بالفعل المضارع في سعة الكلام ـ وهم : الكوفيون وابن مالك ـ جعل أل التي تفيد التعريف هي وحدها الدالة على كون ما دخلت عليه اسما ، وقد جرى المؤلف في كتابه «أوضح المسالك» على هذا الرأي.