قلت : ذلك ضرورة قبيحة ، حتى قال الجرجاني ما معناه : إن استعمال مثل ذلك في النثر خطأ بإجماع ، أي : أنه لا يقاس عليه ، و «أل» في ذلك اسم موصول بمعنى الذي.
الثانية : النداء نحو : (يا أَيُّهَا النَّبِيُ) [الأحزاب / ١] (يا نُوحُ اهْبِطْ) [هود / ٤٨] (يا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ) [هود / ٨١] (يا هُودُ ما جِئْتَنا بِبَيِّنَةٍ) [هود / ٥٣] (يا صالِحُ
______________________________________________________
الشعراء الثلاثة حاضرين ، فتغيظ الفرزدق وقال أبياتا منها بيت الشاهد (وانظر آخر ص ٤٠ الآتية).
اللّغة : «الحكم» الذي يحكمه الخصمان ليقضي بينهما ويفصل فيما حدث بينهما من خصومة ، «الأصيل» هو ذو الحسب ، «الجدل» شدة الخصومة ، والقدرة على غلبة الخصم.
المعنى : يقول لمن يهجوه ذامّا له : إنك لست بمن يحكمه الناس ويرضون حكمه ، ولا أنت بذي حسب ترجع إليه ويردعك عن الجور ، ولا أنت بذي فلج في الخصومة.
الإعراب : «ما» نافية ، «أنت» مبتدأ ، «بالحكم» الباء حرف جر زائد ، الحكم : خبر المبتدأ ، مرفوع بضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد ، «الترضى» أل : اسم موصول نعت للحكم ، «ترضى» فعل مضارع مبني للمجهول ، «حكومته» حكومة : نائب فاعل ترضى ، وحكومة مضاف وضمير الغائب مضاف إليه ، «ولا» الواو عاطفة ، لا : زائدة لتأكيد النفي ، «الأصيل» معطوف على الحكم ، «ولا» مثل سابقتها ، «ذي» معطوف على الحكم أيضا ، وذي مضاف ، و «الرأي» مضاف إليه ، «والجدل» معطوف بالواو على الرأي ، ولم نجعل «ما» حجازية وما بعدها اسمها وخبرها مراعاة للغة الشاعر صاحب البيت ؛ لأنه من بني تميم كما قلنا ، وبنو تميم تهمل ما ، وإنما إعمالها لغة أهل الحجاز.
الشّاهد فيه : أتى المؤلف بهذا البيت ههنا ليعترض على قولهم : إن «أل» دليل على اسمية الكلمة ؛ فهي لا تدخل إلا على الأسماء ، وهي هنا قد دخلت على الفعل المضارع المبني للمجهول ، وحاصل الجواب على هذا الاعتراض أن بيت الفرزدق هذا شاذ لا يقاس عليه ، ونحن في تقرير القواعد لا نعني إلا ما كان قياسا مطردا تتكلم به العرب في شعرها ونثرها من غير إنكار ؛ فلا يعترض علينا بما استعمله بعض الشعراء لضرورة الشعر أو في النادر القليل ، وقد عرفت مما قدمناه أن هذا أحد رأيين في المسألة.
ومثل هذا البيت قول سلامان الطائي :
أخفن اطّناني إن سكتن ، وإنّني |
|
لفي شغل عن ذحلي اليتتبّع |
ونظيره قول ذي الخرق الطهوي :