من المغاربة ، والظاهر أن المعلّق إنما هو اللام ، لا إنّ ، إلا أن ابن الخباز حكى في بعض كتبه أنه يجوز «علمت إنّ زيدا قائم» بالكسر مع عدم اللام ، وأن ذلك مذهب سيبويه ؛ فعلى هذا المعلّق إنّ.
العاشر : «كم» الخبرية ، نصّ على ذلك بعضهم ، وحمل عليه قوله تعالى : (أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ) [يس ، ٣١] وقدر «كم» خبرية منصوبة بأهلكنا ، والجملة سدّت مسدّ مفعولي «يروا» ، و «أنهم» بتقدير بأنهم ، وكأنه قيل : أهلكناهم بالاستئصال ، وهذا الإعراب والمعنى صحيحان ، لكن لا يتعين خبرية «كم» بل يجوز أن تكون استفهامية ، ويؤيده (١) قراءة ابن مسعود من أهلكنا وجوّز الفراء انتصاب «كم» بيروا ، وهو سهو : سواء قدرت خبرية أو استفهامية (٢) ، وقال سيبويه : «أنّ» ومعمولاها بدل من «كم» وهذا مشكل ؛ لأنه إن قدر «كم» معمولة ليروا لزم ما أوردناه على الفراء من إخراج كم عن صدريتها ، وإن قدرها معمولة لأهلكنا لزم تسلّط أهلكنا على أنهم ، ولا يصح أن يقال : أهلكنا عدم الرجوع ، والذي يصحح قوله عندي أن يكون مراده أنها بدل من كم وما بعدها ، فإنّ «يروا» مسلّطة في المعنى على أن وصلتها. فهذه جملة المعلقات.
والجملة المعلّق عنها العامل في موضع نصب بذلك المعلّق ، حتى إنه يجوز لك أن تعطف على محلها بالنصب ، قال كثير :
١٨٧ ـ وما كنت أدري قبل عزّة ما البكى |
|
ولا موجعات القلب حتّى تولّت |
______________________________________________________
الشّاهد فيه : قوله «علم الأقوام ـ إلخ» حيث وقع الفعل الذي من شأنه أن ينصب مفعولين ، وهو علم ، قبل «لو» فعلقته عن العمل في لفظ الجملة ، على نحو ما قررناه في الشاهد السابق ص ٣٠٨ الماضية.
١٨٧ ـ هذا بيت من الطويل من كلام كثير بن عبد الرحمن ، المعروف بكثير عزة ، وهو من
__________________
(١) إنما تؤيد قراءة ابن مسعود كون «كم» استفهامية فيما لو تعينت «من» الواقعة في قراءة ابن مسعود موقع «كم» لأن تكون استفهامية ، لكن ذلك لا يتعين ، بل يجوز أن تكون من موصولة.
(٢) لأن «كم» تستوجب الصدارة ؛ فلا يعمل فيها ما قبلها ، خبرية كانت أو استفهامية.