يروى بنصب «موجعات» بالكسرة عطفا على محل قوله «ما البكى» ومن ثم سمى ذلك تعليقا ؛ لأن العامل ملغى في اللفظ وعامل في المحل ؛ فهو عامل لا عامل ، فسمى معلّقا ، أخذا من المرأة المعلقة التي [هي] لا مزوّجة ولا مطلّقة ، ولهذا قال ابن الخشاب : لقد أجاد أهل هذه الصناعة في وضع هذا اللّقب لهذا المعنى.
ولنشرح ما تقدم الوعد بشرحه من الأفعال التي تتعدّى إلى مفعولين أولهما مسرّح دائما : أي مطلق من قيد حرف الجر ، والثاني تارة مسرّح منه وتارة مقيّد به ، وقد ذكرت منها في المقدّمة عشرة أفعال.
أحدها : «أمر» قال تعالى : (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ) [البقرة ، ٤٤] وقال الشاعر :
______________________________________________________
شواهد المؤلف في أوضحه (رقم ١٨٨) وفي القطر (رقم ٧٤) وأنشده الأشموني في باب ظن وأخواتها (رقم ٣٣٨).
الإعراب : «ما» نافية ، «كنت» كان : فعل ماض ناقص ، وتاء المتكلم اسمه ، «أدري» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا ، والجملة في محل نصب خبر كان «قبل» ظرف زمان منصوب بأدري ، وقبل مضاف و «عزة» مضاف إليه ، «ما» اسم استفهام مبتدأ «البكى» خبر المبتدأ ، وجملة هذا المبتدأ والخبر في محل نصب بأدري ، «ولا» الواو عاطفة ، لا : زائدة لتأكيد النفي ، «موجعات» معطوف على محل جملة «ما البكى» منصوب بالكسرة نيابة عن الفتحة ، وموجعات مضاف ، و «القلب» مضاف إليه ، «حتى» حرف غاية وجر ، «تولت» تولى : فعل ماض والتاء علامة التأنيث ، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي ، وقبل تولت أن مصدرية محذوفة تسبك بمصدر يقع مجرورا بحتى ، والجار والمجرور متعلق بأدري.
الشّاهد فيه : قوله «أدري ما البكى ولا موجعات» فإن أدري فعل مضارع من شأنه أن ينصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر ؛ وقوله «ما البكى» جملة من مبتدأ وخبر ؛ فكان حق الفعل أن يعمل في لفظ أو محل المبتدأ والخبر النصب ، لكن لما كان المبتدأ اسم استفهام ، وكان اسم الاستفهام لا يجوز أن يعمل فيه ما قبله لأنه ملازم للتصدر ؛ لهذه الأسباب لم يعمل الفعل في لفظ المبتدأ والخبر النصب ، وعمل في محلهما ، والدليل على أنه عمل في محلهما أنه عطف عليهما قوله «موجعات» بالنصب بالكسرة ، والمعطوف يجب أن يكون كالمعطوف عليه في إعرابه ، كما هو معلوم لك ؛ فيدل نصب المعطوف على أن المعطوف عليه منصوب ، ولما لم يكن المعطوف عليه منصوبا لفظا ولا تقديرا فإنا نثق بأنه منصوب محلا ، وليس في هذا ما يدعو إلى الإطالة بالشرح والإيضاح ، فافهم.