وقوله :
٢٠٦ ـ ليت شعري مقيم العذر قومي |
|
لي أم هم في الحبّ لي عاذلونا؟! |
وقولك «ضاربا عمرا» جوابا لمن قال : كيف رأيت زيدا؟ ألا ترى أن هذه عملت لاعتمادها على مقدّر ؛ إذ الأصل : كوعل ناطح ، وليت شعري أمقيم ، ورأيته ضاربا.
______________________________________________________
٢٠٦ ـ هذا بيت من الخفيف ، ولم أجد أحدا نسب هذا البيت إلى قائل معين.
الإعراب : «ليت» حرف تمن ونصب ، «شعري» شعر : اسم ليت ، وشعر مضاف وياء المتكلم مضاف إليه ، وخبر ليت محذوف ، أي ليت شعري (أي علمي) حاصل ، وقيل : أغنى الاستفهام الذي بعدها عن الخبر ، «مقيم» مبتدأ ، مرفوع بالضمة الظاهرة ، «العذر» مفعول به لمقيم ، «قومي» قوم : فاعل بمقيم سد مسد خبره من حيث هو مبتدأ ، وقوم مضاف وياء المتكلم مضاف إليه ، «لي» جار ومجرور متعلق بمقيم ، «أم» حرف عطف ، «هم» ضمير منفصل مبتدأ «في الحب ، لي» جاران ومجروران يتعلق كل منهما بقوله عاذلون الآتي ، «عاذلون» خبر المبتدأ ، وجملة المبتدأ وخبره معطوفة بأم على جملة المبتدأ وفاعله المغني عن الخبر.
الشّاهد فيه : في هذا البيت شاهدان :
أحدهما يتعلق به غرض المؤلف من الإتيان بالبيت ـ وهو في قوله «مقيم العذر قومي» حيث أعمل اسم الفاعل وهو قوله مقيم ، عمل الفعل ؛ فرفع به الفاعل ـ وهو قوله قومي ـ ونصب به المفعول ـ وهو قوله العذر ـ لكونه معتمدا على همزة استفهام محذوفة ، وأصل الكلام : أمقيم قومي العذر ، والدليل على أن هذه الهمزة مرادة هنا شيئان ؛ الأول : قوله «ليت شعري» فإن هذه العبارة يقع بعدها الاستفهام ألبتة ، إما مذكورا وإما مقدرا ، والثاني «أم» فإنها تعادل همزة الاستفهام ، فإن لم تكن الهمزة في الكلام قدرت ألبتة.
والشاهد الثاني ـ لا يتعلق به غرض المؤلف في هذا الموضوع ـ في قوله «ليت شعري» وهي كلمة تساق عند التعجب من الأمر وإظهار غرابته ، وقد اجتمعت كلمة العلماء على أن خبر ليت في هذا التركيب لا يذكر في الكلام ـ ثم اختلفوا فيما وراء ذلك ؛ فذهب الرضي رحمهالله إلى أن خبر ليت محذوف وجوبا من غير أن يقوم مقامه شيء ، وعلى هذا تكون جملة الاستفهام التي تذكر بعده في محل نصب على أنها مفعول به لشعر ، كأنه قال : ليت علمي جواب هذا الاستفهام حاصل ، وقال ابن الحاجب إن الاستفهام قائم مقام خبر ليت ؛ فهو في محل رفع.
ومن شواهد هذه المسألة قول رؤبة بن العجاج :
يا ليت شعري بعدكم حنيفا |
|
أتحملون بعدنا السّيوفا |