ومثال إعماله في الظرف قول الشاعر :
٢٢١ ـ فإنّا وجدنا العرض أحوج ساعة |
|
إلى الصّون من ريط يمان مسهّم |
ومثال إعماله في الفاعل المستتر جميع ما ذكرنا.
ولا يعمل في مصدر ؛ لا تقول : زيد أحسن النّاس حسنا ، ولا في مفعول به ، لا تقول : زيد أشرب النّاس عسلا ، وإنما تعدّيه باللام ؛ فتقول : زيد أشرب الناس للعسل ، ولا في فاعل ملفوظ به ؛ لا تقول : مررت برجل أحسن منه أبوه ، إلا في لغة ضعيفة حكاها ـ سيبويه ، واتفقت العرب على جواز ذلك في مسألة الكحل. وضابطها أن يكون أفعل صفة لاسم جنس مسبوق بنفي ، والفاعل مفضّلا على نفسه باعتبارين ، وذلك كقول النبي صلىاللهعليهوسلم : «ما من أيّام أحبّ إلى الله فيها الصّوم منه عشر ذي الحجّة» وقول العرب : ما رأيت رجلا أحسن في عينه الكحل منه في عين زيد. وبهذا المثال لقبت المسألة بمسألة الكحل ، وقوله :
______________________________________________________
٢٢١ ـ هذا بيت من الطويل من كلام أوس بن حجر ، وقبله قوله :
ومستعجب ممّا يرى من أناتنا |
|
ولو زبنته الحرب لم يترمرم |
اللّغة : «العرض» بكسر فسكون ـ موضع المدح والذم من الرجل ، «الصون» مصدر صانه يصونه : بمعنى حفظه ووقاه ، «ريط» بفتح الراء وسكون الياء ـ الملاءة ، أو جمع ريطة بمعنى الغلالة الرقيقة «مسهم» مخطط.
الإعراب : «إنا» إن : حرف توكيد ونصب ، وضمير المتكلم المعظم نفسه اسمه ، والأصل إننا ، «وجدنا» فعل وفاعل ، «العرض» مفعول أول لوجد ، «أحوج» مفعول ثان لوجد ، وجملة وجد وفاعله ومفعوليه في محل خبر إن ، «ساعة» ظرف زمان منصوب بأحوج ، «إلى الصون ، من ريط» جاران ومجروران يتعلق كل منهما بأحوج أيضا ، «يمان» صفة لريط ، «مسهم» صفة ثانية لريط.
الشّاهد فيه : قوله «أحوج ساعة ـ إلخ» فإن قوله «أحوج» أفعل تفضيل بمعنى أشد احتياجا ، وقد تعلق به ظرف الزمان الذي هو قوله «ساعة» كما تعلق به الجار والمجرور مرتين ، وذلك قوله «إلى الصون» وقوله «من ريط» فدل هذا على أن أفعل التفضيل يتعلق به الظرف وعديله الذي هو الجار والمجرور ، وأن ذلك جائز لا غبار عليه ، وهو نظير قوله تعالى : (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ.)