ولم يقل حسنى الثّقلين ، ولا حسناهم.
وعن ابن السراج إيجاب ترك المطابقة ، وردّ بقوله سبحانه وتعالى : (إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا) [هود ، ٢٧] (وَكَذلِكَ جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكابِرَ مُجْرِمِيها) [الأنعام ، ١٢٣].
ثم قلت : ولا يبنى ولا ينقاس هو ولا أفعال التعجّب ـ وهي : ما أفعله ؛ وأفعل به ، وفعل ـ إلّا من فعل ، ثلاثيّ ، مجرّد لفظا وتقديرا ، تامّ ، متفاوت المعنى ، غير منفيّ ، ولا مبنيّ للمفعول.
وأقول : لا يبنى أفعل التفضيل ، ولا ما أفعله وأفعل به وفعل في التعجب ، من نحو جلف (١) وكلب وحمار ؛ لأنها غير أفعال ، وقولهم «ما أجلفه» و «ما أحمره» و «ما أكلبه» خطأ ، ولا من نحو دحرج ؛ لأنه رباعي ، ولا من نحو انطلق واستخرج ؛ لأنه وإن كان ثلاثيا لكنه مزيد فيه ، ولا من نحو هيف وغيد وحول وسود وحمر وعمي وعرج ؛ لأنها وإن كانت ثلاثية مجردة في اللفظ لكنها مزيدة في التقدير ؛ إذ أصل حول احولّ وعور اعورّ وغيد اغيدّ ، والدليل على ذلك أن عيناتها لم تقلب ألفا مع تحركها وانفتاح ما قبلها ، فلو لا أن ما قبل عيناتها ساكن في التقدير لوجب فيها القلب المذكور : ولا من نحو كان وظل وبات وصار ؛ لأنها غير تامة ، ولا من نحو ضرب لأنه مبني للمفعول ، ولا من نحو ما قام وما عاج بالدواء ؛ لأنه منفي.
وما سمع مخالفا لشيء مما ذكرنا لم يقس عليه ؛ فمن ذلك قولهم «هو ألصّ من فلان» (٢) و «أقمن منه» فبنوه من غير فعل ، بل من قولهم : هو لص ، وقمن بكذا ، وقولهم «ما أتقاه» من اتّقى ، و «ما أخصر هذا الكلام» من اختصر ؛ وهما ذوا زيادة
__________________
(١) الجلف ـ بكسر الجيم وسكون اللام ـ الرجل الجافي ، وقد أثبت له بعض أهل اللغة فعلا ، قال المجد في القاموس : «الجلف الرجل الجافي ، وقد جلف كفرح جلفا وجلافة» اه ، وعلى ذلك يكون قولهم «ما أجلف زيدا» مثلا ـ بمعنى ما أجفاه وما أغلظه ـ قياسيا لا شاذا ولا خطأ كما قال المؤلف ، فافهم ذلك.
(٢) قالوا «هو ألص من شظاظ» وشظاظ : بزنة كتاب ، وهو اسم رجل يضرب به المثل في اللصوصية.