الجملة المخبر بها عن رابط ، وإلا إذا امتنع إحلاله محلّ المتبوع ، ولذلك أمثلة كثيرة منها قولك «يا زيد الحارث» فهذا من باب البيان ، وليس من باب البدل ؛ لأن البدل في نية الإحلال محلّ المبدل منه ، إذ لو قيل «يا الحارث» لم يجز ، لأن «يا» و «أل» لا يجتمعان هنا (١) ، ومنها قول الشاعر :
٢٣٠ ـ أنا ابن التّارك البكريّ بشر |
|
عليه الطّير ترقبه وقوعا |
ف «بشر» عطف بيان على «البكريّ» وليس بدلا ؛ لامتناع «أنا ابن التّارك بشر» ؛
______________________________________________________
٢٣٠ ـ هذا بيت من الوافر من كلام المرار بن سعيد بن نضلة بن الأشتر الفقعسي ، من كلام يفتخر فيه بأن جده خالد بن نضلة قتل بشر بن عمرو بن مرثد البكري ، وبشر هذا هو زوج الخرنق أخت طرفة بن العبد البكري الشاعر المشهور صاحب المعلقة ، وكان مقتل بشر في يوم الكلاب ، وبيت الشاهد من شواهد المؤلف في أوضحه (رقم ٤١١) وفي القطر (رقم ١٣٨) كما استشهد به ابن عقيل (رقم ٢٨٥).
الإعراب : «أنا» ضمير منفصل مبتدأ ، «ابن» خبر المبتدأ ، وابن مضاف و «التارك» مضاف إليه ، والتارك مضاف و «البكري» مضاف إليه ، «بشر» عطف بيان على البكري ، «عليه» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم ، «الطير» مبتدأ مؤخر ، «ترقبه» ترقب : فعل مضارع ، وفيه ضمير مستتر جوازا تقديره هي يعود إلى الطير ، وهذا الضمير هو فاعله ، والضمير البارز المتصل العائد إلى بشر مفعول به ، «وقوعا» حال من الضمير المستتر في ترقبه الذي هو فاعل ، والذي هو عائد إلى الطير.
الشّاهد فيه : قوله «التارك البكري بشر» فإن قوله «بشر» عطف بيان على قوله : «البكري» ، ولا يجوز أن يكون بدلا منه ؛ لأن البدل على نية تكرار العامل فكان ينبغي لأجل صحة كونه بدلا أن يجوز لك أن تدخل العامل في المبدل منه ـ وهو قوله التارك هنا ـ على البدل ، فتقول : أنا ابن التارك بشر ، بإضافة التارك إلى بشر ، كما كان مضافا إلى «البكري» ، ويلزم على ذلك محذور لا يرتضيه أكثر العلماء ، وهو إضافة الاسم المحلى بأل إلى اسم خال منها ومن الإضافة إلى المحلى بها أو إلى ضميره ، وذلك لا يجوز ، على ما تقدم لك في باب الإضافة ، نعم قد جوز الفراء إضافة الوصف المفرد المقترن بأل إلى العلم ؛ فعلى مذهبه يجوز أن يكون «بشر» في هذا البيت بدلا ، ولكن هذا المذهب غير مقبول عند جمهور العلماء ، ومذهب الجمهور هو الذي جرى عليه المؤلف.
__________________
(١) إنما يجوز اجتماع «يا» و «أل» في موضعين : أحدهما اسم الله تعالى ، تقول : «يا الله» وثانيهما : ما سمي به من الجمل الاسمية ، تقول «يا المنطلق زيد» لمن سميته بذلك.