معيّة ، بل هي صالحة بوضعها لذلك كله ؛ فمثال استعمالها في مقام الترتيب قوله تعالى : (وَأَوْحَيْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ) [النساء ، ١٦٣] ومثال استعمالها في عكس الترتيب نحو (وَعِيسى وَأَيُّوبَ) [النساء ، ١٦٣] (كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ) [الشورى ، ٣] (اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) [البقرة ، ٢١] (اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ) [آل عمران ، ٤٣] ، ومثال استعمالها في المصاحبة نحو (فَأَنْجَيْناهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ) [الشعراء ، ١١٩] ، ونحو (فَأَخَذْناهُ وَجُنُودَهُ) [القصص ، ٤٠] ونحو (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ) [البقرة ، ١٢٧].
ومثال إفادة الفاء للترتيب والتعقيب ، وثمّ للترتيب والمهلة قوله تعالى : (أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ* ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ) [عبس ، ٢١ و ٢٢] ، فعطف الإقبار على الإماتة بالفاء ، والإنشار على الإقبار بثم ، لأن الإقبار يعقب الإماتة ، والإنشار يتراخى عن ذلك.
ومعنى «حتى» للغاية ، وغاية الشيء : نهايته ، والمراد أنها تعطف ما هو نهاية في الزيادة أو القلّة ، والزيادة إما في المقدار الحسي ، كقولك : «تصدّق فلان بالأعداد الكثيرة حتى الألوف الكثيرة» أو في المقدار المعنوي ، كقولك : «مات النّاس حتى الأنبياء» وكذلك القلة تكون تارة في المقدار الحسي ، كقولك : «الله ـ سبحانه وتعالى ـ يحصى الأشياء حتى مثاقيل الذّرّ» وتارة في المقدار المعنوي ، كقولك : «زارني النّاس حتى الحجّامون».
و «أم» على قسمين : متصلة ، ومنقطعة ، وتسمى أيضا منفصلة.
فالمتصلة هي : المسبوقة إما بهمزة التسوية ، وهي : الداخلة على جملة يصح حلول المصدر محلها ، نحو (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ) [البقرة ، ٦ ويس ، ١٠] ألا ترى أنه يصح أن يقال : سواء عليهم الإنذار وعدمه ، أو بهمزة يطلب بها وبأم التعيين ، نحو : «أزيد في الدّار أم عمرو» وسميت «أم» في النوعين متصلة لأن ما قبلها وما بعدها لا يستغنى بأحدهما عن الآخر.
والمنقطعة : ما عدا ذلك ، وهي بمعنى بل ، وقد تتضمن مع ذلك معنى الهمزة ، وقد لا تتضمنه.