فالأول نحو : (أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَناتٍ) [الزخرف ، ١٦] أي : بل أتّخذ بهمزة مفتوحة مقطوعة للاستفهام الإنكاري ، ولا يصح أن تكون في التقدير مجردة من معنى الاستفهام المذكور ، وإلا لزم إثبات الاتخاذ المذكور ، وهو محال.
والثاني كقوله تعالى : (هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ وَالنُّورُ) [الرعد ، ١٦] أي : بل هل تستوي ، وذلك لأن «أم» اقترنت بهل ؛ فلا حاجة إلى تقديرها بالهمزة.
و «أو» لها أربعة معان :
أحدها : التخيير ، نحو : (فَكَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ) [المائدة ، ٨٩].
والثاني : الإباحة ، كقوله تعالى : (وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهاتِكُمْ) [النور ، ٦١] ، وهذان المعنيان لها إذا وقعت بعد الطلب.
والثالث : الشك ، نحو : (لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ) [المؤمنون ، ١١٣].
والرابع : التشكيك ، وهو الذي يعبّر عنه بالإبهام ، نحو : (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) [سبأ ، ٢٤] ، وهذان المعنيان لها إذا وقعت بعد الخبر.
وأما «بل» فيعطف بها بعد النفي ، أو النهي ، ومعناها حينئذ : تقرير ما قبلها بحاله ، وإثبات نقيضه لما بعدها ، نحو : «ما جاءني زيد بل عمرو» و «لا يقم زيد بل عمرو» وبعد الإثبات أو الأمر ، ومعناها حينئذ : نقل الحكم الذي قبلها للاسم الذي بعدها ، وجعل الأول كالمسكوت عنه.
وأما «لكن» فلا يعطف بها إلا بعد النفي أو النهي ، ومعناها كمعنى بل ، وعن الكوفيين جواز العطف بها بعد الإثبات قياسا على بل ، وأباه غيرهم لأنه لم يسمع.
وأما «لا» فإنها لنفي الحكم الثابت لما قبلها عما بعدها ؛ فلذلك لا يعطف بها إلا بعد الإثبات ، وذلك كقولك : «جاءني زيد لا عمرو».
ومثال العطف على الضمير المرفوع المتصل بعد التوكيد [بالضمير المنفصل] : (لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) [الأنبياء ، ٥٤] ، ومثاله بعد الفصل