فأما الذي تقدر فيه الثلاث فنوعان :
أحدهما : ما أضيف إلى ياء المتكلم وليس مثنى ، ولا جمع مذكر سالما ، ولا منقوصا ، ولا مقصورا ، وذلك نحو : «غلامي» و «غلماني» و «مسلماتي» (١) فهذه الأمثلة ونحوها تعرب بحركات مقدرة على ما قبل الياء ، والذي منع من ظهورها أنهم التزموا أن يأتوا قبل الياء بحركة تجانسها ، وهي الكسرة ، فاستحال حينئذ المجيء بحركات الإعراب قبل الياء ؛ إذ المحل الواحد لا يقبل حركتين في الآن الواحد ، فتقول «جاء غلامي» فتكون علامة رفعه ضمة مقدرة على ما قبل الياء ، و «رأيت غلامي» فتكون علامة نصبه فتحة مقدرة على ما قبل الياء ، و «مررت بغلامي» فتكون علامة جره كسرة مقدرة على ما قبل الياء ، لا هذه الكسرة الموجودة كما زعم ابن مالك ؛ فإنها كسرة المناسبة ، وهي مستحقّة قبل التركيب ، وإنما دخل عامل الجر بعد استقرارها.
واحترزت بقولي «وليس مثنى ولا جمع مذكر سالما» من نحو : «غلاماي» [وغلاميّ] و «مسلميّ» ، فإن الياء تثبت فيهما جرّا ونصبا مدغمة في ياء المتكلم ؛ والألف تثبت في المثنى رفعا ، وليس شيء من [الحرف] المدغم ولا من الألف قابلا للتحريك.
وقولي «ولا منقوصا» لأن ياء المنقوص تدغم في ياء المتكلم ؛ فتكون كالمثنى والمجموع جرّا ونصبا.
وقولي «ولا مقصورا» لأن المقصور تثبت ألفه قبل الياء ، والألف لا تقبل الحركة ؛ فهو كالمثنى رفعا ، قال الله تعالى : (يا بُشْرى هذا غُلامٌ) [يوسف ، ١٩]
__________________
(١) القول بأن المضاف إلى ياء المتكلم معرف بحركات مقدرة على ما قبل ياء المتكلم منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة ـ هو أرجح مذاهب النحاة في هذا النوع ، وللنحاة فيه ثلاثة مذاهب ؛ أولها : هذا الذي ذكره المؤلف ، وهو كما قلنا أرجحها ، وأقربها دليلا ، وثانيها : أنه مبني ؛ لأن آخره لا يتغير بتغير العوامل ، وثالثها : أنه واسطة بين المبني والمعرب ، فليس هو بمبني ولا بمعرب ، وأصحاب هذا المذهب يقسمون الاسم إلى ثلاثة أقسام : معرب ، ومبني ، ولا معرب ولا مبني ، وأصحاب القولين السابقين يجعلون الاسم نوعين فقط : المعرب ، والمبني.