للجانب الإنساني الذي يجعلهم خاضعين لنقاط ضعف سببها طبائعهم وغرائزهم وتأثّرهم بالواقع الخارجي المحيط بهم ، مما قد يسقط الإنسان أمامه دون شعور ، فإذا تنبَّهوا لذلك ووعوا خطورة الموقف ، في ما يمثله من عصيان لله ، الذي يقود العاصين إلى نار الله في الآخرة ، تراجعوا عن المعصية ، وأنابوا إلى الله في توبة صادقة تؤكد موقع نقاط القوّة التي تتحدى نقاط الضعف ، فتخضعها للإيمان وللإسلام.
(شَدِيدِ الْعِقابِ) للمتمردين الطاغين الذين عاندوا الحق واستكبروا على حامليه ، ووقفوا ضد حركته ، وحاربوا رسالته ورسله (ذِي الطَّوْلِ) أي الإنعام الذي يفيض به على عباده بما يرعى به حياتهم ، ويدبّر شؤونهم ، لينعموا بذلك ، ويرجعوا إليه ، في تنظيم قضايا معاشهم ومعادهم. (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) فهو وحده ، الذي اتصف بالألوهية لأنه وحده الذي أوجد الخلق كلهم وأشرف على كل أمورهم بحكمته وقوّته وتدبيره ، فلا إله غيره ، لأن كلّ من عداه مخلوق له محتاج إليه في كل شؤونه الخاصة والعامة ، (إِلَيْهِ الْمَصِيرُ) الذي يرجع إليه الخلق كلهم ليواجهوا نتائج المسؤولية في موقف الحساب أمامه ، ليجزي الذين أساءوا بعقابه والذين أحسنوا بثوابه ..
وتلك هي الصورة البسيطة الواضحة التي يقدّمها الله لعباده ، ليتصوروه بها ، ليعرفوا موقعهم منه وموقعه منهم ، ليعيشوا مع الله في وعي كامل لصفاته المتعلقة بعباده ، المتصلة بالكون الذي يتحركون فيه ، فلا تكون صفة الله غامضة في شعورهم فيتصوروه من موقع الغموض الذي يحيط بالسرّ الكامن في ذاته الذي لا يطّلع أحد على شيء منه ، بل تكون واضحة ليتطلعوا إليه من الموقع الذي يتحسسون فيه رحمته إلى جانب غضبه ، ويدركون فيه عزته وقوّته وعلمه المحيط بكل شيء ، إلى جانب مغفرته وقبوله التوبة ، ويتعرفون فيه على شدة عقابه إلى جانب امتداد إنعامه ، ويعيشون الشعور العميق الممتد في الكون كله ، بوحدانيته وبطلان كل ما عداه ، ويفكرون ـ دائما ـ برجوعهم إليه ،