(وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا) ويتراجعوا عما كانوا فيه ويعتذروا عن كفرهم وتمرّدهم للنجاة من العذاب ، (فَما هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ) أي الذين يقبل الله إعتابهم ومعذرتهم ، لأنهم ليسوا بأهل لذلك ، كما أن المقام ليس مقام توبة ، فإن مقام التوبة في الدنيا قبل الموت .. ولعل مضمون هذه الآية هو مضمون قوله تعالى : (اصْلَوْها فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا سَواءٌ عَلَيْكُمْ) [الطور : ١٦].
(وَقَيَّضْنا لَهُمْ قُرَناءَ) من شياطين الإنس والجنّ من الذين يتحركون في إضلال الناس فيحرّكون شهواتهم لتندفع إلى ارتكاب الحرام ، ويثيرون أعصابهم لتتصلّب في مواقف الاستكبار والعناد.
(فَزَيَّنُوا لَهُمْ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ) مما يستغرقون فيه من المتع المادية التي يعيشون في شهواتها ولذائذها ، أو مما يتطلعون إليه في المستقبل من ذلك في ما تتعلق به آمالهم وأمانيهم.
(وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ) فاستقر عليهم العذاب الذي جعله الله للكافرين والمتمردين والمعاندين في إرادته الحاسمة التي تجمع الناس ضمن أمم يجمعها الفكر الكافر ، والعمل الشرّير من الماضين والحاضرين ، فكما ثبتت كلمة العذاب على السابقين الذين التزموا خط الانحراف ، فكذلك هم الاحقون الذين يتصلون بهم (إِنَّهُمْ كانُوا خاسِرِينَ) لأنهم أخذوا بأسباب الخسارة ، ولم يأخذوا بأسباب الربح من الإيمان والعمل الصالح.
* * *