بذلك وتحرك الوجود الإنساني من خلاله ، (وَمِنَ الْأَنْعامِ أَزْواجاً) فامتد وجودها في الحياة بذلك لينتفع الناس بها.
(يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ) ذكر صاحب الكشاف أن الخطاب في «يذرؤكم» للإنسان وللأنعام بتغليب جانب العقلاء على غيرهم (١) ، (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) فهو المتفرد في ألوهيته بكل صفاته ، لا يشاركه أحد في أي شيء ، لأنه المطلق في كل شيء ، وغيره محدود في وجوده ، بالحدود التي وضعها الله لذاك الوجود .. وهذا ما يفرض أن تكون الولاية له ، لا لغيره.
(وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) الذي يستمع لحاجات خلقه التي يدعونه إلى تلبيتها ، كما يبصر كل أوضاعهم وأعمالهم في ما يأخذون به أو في ما يدعونه ، ويطلع على خفاياهم ليرعاهم بلطفه في بعض أمورهم ، التي يحتاجون فيها إلى رعايته ، وليحاسبهم على بعض أعمالهم ، التي ينحرفون بها عن خط الله.
(لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) فبيده مفاتيحها ، بما تشتمل عليه من خزائن رزقه ، (يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ) فيوسّع له من الرزق ، ويمدّ له فيه ، ويؤمن له ما يحتاجه من الضرورات ، إلى رفاهيّة العيش بما يرفع مستوى حياته ، (وَيَقْدِرُ) فيضيّق عليه ، (إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) هو الذي يعرف مصالح العباد ، ويطلع على حاجاتهم ، فقد تكون مصلحة البعض أن يوسّع عليهم ، وتكون مصلحة البعض الآخر أن يضيّق عليهم ، فمسألة البسط والتقدير تتصل بنظام الحياة المتقن ، الذي يقيم قواعدها على أسس متينة ثابتة ، قوامها الحكمة في التخطيط والتدبير.
* * *
__________________
(١) انظر : الكشاف ، ج : ٣ ، ص : ٤٦٢.