مشروع ، وهو الأمل في كل مستقبل ، وهو الثقة المطلقة ، والأمان الشامل ، في كل حالة اهتزاز ، أو موقع للخوف. من هنا فإن على المؤمن ، عند ما تزدحم حوله المشاكل ، وتقف في وجهه العقبات وتشتد في آفاق حياته العواصف ، وتكثر التهاويل ، وتطوف به الحيرة في كل موقف ، أن يتجه إلى الله ، بعد أن يحرك كل الوسائل التي يملكها لتحقيق ما يريد من النتائج .. فيتوكل عليه ، ويسلم أمره إليه ، ثقة بأنه الولي والمعين والحامي والمدافع عن عباده المؤمنين ضد كل ما يختزنه المجهول من مخاوف وتهاويل.
وبذلك يؤكد الإخلاص في الإيمان كتوكل المؤمن على الله في شخصيته وحركته الذي يمنحه الثقة بالمستقبل ، من خلال الثقة بالله.
(وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ) وهي المعاصي الكبيرة التي توعّد الله مرتكبيها بالنار ، لأنها تمثل تمردا على الله ، وتؤدي إلى إفساد حياة الناس الروحية والعملية ، في المواقع الاجتماعية والفردية ، الأمر الذي يفرض على المؤمن أن يبتعد عنها ، (وَالْفَواحِشَ) وهي المعاصي التي تتجاوز نتائجها السلبية على المجتمع الحد ، ويكثر إطلاق كلمة الفاحشة على الزنى واللواط ونحوهما مما يدخل في باب الانحراف الجنسي عن الخط المستقيم ، (وَإِذا ما غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ) ويتسامحون ويتجاوزون الحالة الانفعالية التي تسيطر على مشاعرهم ، وتؤدّي إلى توتّر أعصابهم ، لأنهم لا يعيشون غضبهم كمشاعر في التوترات الصعبة التي تتصلّب فيها المواقف ، بل كنافذة على العفو والمغفرة ، في ما يمكن أن ينفع الناس والحياة .. وقد نلاحظ أنّ الآية تعالج القضية من ناحية المبدأ ، باعتبار أن المغفرة خلق كريم من أخلاق الشخصية الإسلامية ، من دون الدخول في التفاصيل ، فلا مجال للحديث عن التفصيل بين حقوق الإنسان الشخصية التي يجوز له التنازل عنها وحقوق الله العامة التي لا يجوز للإمام تركها ، أو الحديث عن التنافي بينها وبين الآية الآتية التي تؤكد على الانتصار للبغي ، لأنه لا إطلاق لها في هذه الجهات ، والله العالم.