يربط البداية التي ينطلق فيها الناس في وجودهم وإيمانهم من الله ، بالنهاية التي يرجع فيها الناس إليه في مواقع المسؤولية ، (صِراطِ اللهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) في ما يمثله ذلك من العلم بكل ما يصلح الكون ويفسده ، في جميع موجوداته ، ومن السيطرة عليه ، بما يجعل الناس في ثقة لسلامة الخط من جهة ، وفي انقياد للألوهية المطلقة القادرة من جهة أخرى ، وهذا هو الصراط الذي لا بدّ لهم من الالتزام به والسير عليه ، لأن أيّ خطّ منحرف عنه لا بدّ من أن يؤدّي إلى الهلاك ، باعتباره خاضعا للفكر الذي يختلف عما يريده الله في وحيه من الفكر ، وللوسائل والأهداف التي لا تتفق مع وسائل الرسالة وأهدافها.
وإذا كان الإنسان يتحرك في الحياة على أساس النتائج المستقبلية التي يصل إليها على مستوى المصير ، والتي تحكم حركته فإن عليه أن يعرف الحقيقة الإيمانية ، التي تحكم وجود الإنسان في دنياه وآخرته ، وهي حقيقة تقرّرها الفقرة التالية : (إِلَى اللهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ) فيلتقي الجميع عنده ، بكل خطوطهم الفكرية والعملية ، ليقفوا بين يديه ، وليحدّد لهم مصيرهم من خلال ذلك كله ، إمّا إلى جنّة ، وإمّا إلى نار.
* * *