يجري عليها ، أو يتجمع في سطحها ، تبعا للنظام الكونيّ المبني على الحكمة في ذلك.
(فَأَنْشَرْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً) أي أحييناها فاهتزّت بالخضرة التي تجسد حركة النموّ والحياة. (كَذلِكَ تُخْرَجُونَ) من الأجداث لتواجهوا الحياة المتجدّدة في الدار الآخرة ، فإن الحياة هي الحياة ، في الإنسان والنبات على حدّ سواء ، والقدرة هي القدرة عند الله ، فإذا رأيتم الميّت من الأرض يحيا عند ما ينزل عليه الماء بقدرة الله ، ففكّروا أنّ الإنسان يحيا بعد الموت بقدرته ـ سبحانه ـ فكيف تنكرون المعاد بعد ذلك.
(وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها) من الموجودات الحيّة والنامية والجامدة ، في ما يمثله قانون الزوجية من شمول للوجود كله ، أو في ما يتمثل فيه من تنوّع لا يجعل الحياة شكلا واحدا ليحصل من ذلك التجدد والاستمرار للحياة.
(وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعامِ ما تَرْكَبُونَ) فيسهل لكم التواصل بين مناطق البر والبحر ويخفف عنكم عناء السير في المسافات الشاسعة ، والطرق الوعرة التي تثقل الجسد وتنهكه.
(لِتَسْتَوُوا عَلى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ) كما يفعل المؤمن الذي يرى الله في كل شيء ويتطلع إليه في مواقع النعمة ليعرف فضله عليه ، كما يتطلع إليه في مواقع العظمة ، ليعرف مدى قدرته ، يبقى وعيه للحياة ، منفتحا على الله في عملية تجدّد متحرّك ، في ما يراه أو يسمعه أو ينتفع به من مفردات النعم المتوافرة في الأرض ، ويعبّر عن إحساسه بنعمة الله وعظمته ، ليكون التعبير مظهرا من مظاهر تأكيد الانسجام بين الإيمان والكلمة في روحيّة تفرز صلة الإنسان الروحية بالله وتقوّي إيمانه.
* * *