عقولهم أمام الإغراءات والتهاويل التي يحشدها الشياطين في مشاعرهم وغرائزهم ، وتاهوا فكريا وروحيا وعمليا ، وضلّوا ضلالا بعيدا ..
ولعل مشكلة هؤلاء ، أن الاهتداء يحتاج إلى إرادة منفتحة على آفاق المعرفة .. بحيث يكون الإنسان باحثا عن الحقيقة بجهده الذاتي في ما يتحرك به عقله ، وتلتقي معه روحه ، بينما يفقد هؤلاء إرادة الهدى ، ويعيشون في الاتجاه المضاد لذلك ، ويعطلون كل الأدوات والوسائل التي تصل بهم إلى مواقع الهدى.
(فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ) ونتوفينك (فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ) بعد ذلك ، في ما كفروا وساروا في طريق الضلال من دون حجّة ، (أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْناهُمْ) قبل أن نتوفّاك (فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ) فلن يعجزنا أمرهم على أيّ حال ، فسيأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون.
(فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ) ولا تتراجع عنه أمام هذا الجحود الذي يقابلونك به ، أو هذه اللّامبالاة التي يواجهونك بها ، فإن ذلك لا يسقط روح الرسالة ، ولا يهزم مواقعها ولا يضعف من قدرتها ، ما دمت تملك وضوح الرؤية للطريق الذي تسير عليه ، وللهدف الذي تريد أن تقودهم إليه (إِنَّكَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) يؤدّي بك وبالناس من حولك إلى الله في خط رضوانه الذي يصل بهم إلى مواقع جنته.
* * *
(وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ)
(وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ) بما يشتمل عليه من أفكار تفتح العقل والقلب والروح على ذكر الله ، الذي يتحوّل إلى عنصر إيجابيّ فعّال في إغناء شخصيتك