السياسية الطاغية ، (وَقارُونَ) الذي كان يمثل القوّة المالية في المجتمع ، وهذه هي الآية الوحيدة التي يتحدث فيها القرآن ، عن قارون باعتباره إحدى الشخصيات البارزة التي أراد الله لموسى أن يبلغها الرسالة ، بشكل مباشر.
ولعلّ الحديث عن هؤلاء الثلاثة ، يعود إلى قوّة تأثيرهم على المجتمع لكونهم يمثلون رموز المجتمع السياسية والمالية التي ألف الناس الخضوع لها في الفكر والانتماء والممارسة.
(فَقالُوا ساحِرٌ كَذَّابٌ) لأن هاتين الصفتين تسقطان عن موقف موسى الرسالي صبغة القداسة ، في الكلمة ، وفي الخط والموقف .. ليكون وصفه بالساحر سبيلا لإدخاله في نادي السحرة الذين يحترم الناس ألا عيبهم المثيرة ، ولا يرتبطون بفكرهم وخطّهم في الحياة ، فإذا أضيفت إليها صفة الكذاب ، أصبح بعدهم عنه أمرا حاسما .. فقد خان هذا الساحر جمهوره عند ما اندفع إليهم من موقع السحر ، ليدّعي دعوى غريبة تربطه بالسماء كذبا وبهتانا (فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنا) في ما تتميز به الرسالة من مضمون الحق كعنوان للفكر والمنهج والحركة والموقع .. لم يقابلوه بالتأمّل والحوار الناقد ؛ بل قابلوه بالقوّة المتعسفة المعاندة المتوحشة ، و (قالُوا اقْتُلُوا أَبْناءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ) فهذا هو المنطق الذي استخدمه فرعون في حكمه الطاغي قبل ولادة موسى ، اضطهادا لبني إسرائيل .. وهو المنطق نفسه الذي واجه به موسى ومن آمن معه ، فقد أمر بقتل الأبناء ، لئلا يمتد الإيمان إلى الجيل القادم ، وليكون ذلك عقوبة رادعة للمؤمنين ليتراجعوا عن هذا الإيمان ، (وَاسْتَحْيُوا نِساءَهُمْ) لإبقائهنّ للخدمة ولغير ذلك من الأغراض الفاسدة .. وقد نلاحظ ـ في هذا الموضوع ـ أنّ هؤلاء الطغاة لم يأمروا بقتل المؤمنين أنفسهم ، بل بقتل أولادهم في سبيل الضغط عليهم ، مما قد يوحي أن هناك مانعا يمنع إجراء كهذا وهو الإجراء الطبيعي في مثل هذه الحالات.
(وَما كَيْدُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ) فلن يستطيعوا بلوغ غاياتهم في ما