ولكنهم ـ بالرغم من ذلك ـ يلتقون معك ، ومع سائر الأنبياء ، بالفكر التوحيدي ، والنهج العادل ، والخط المستقيم ، والدعوة للتوقي التي فيها صلاح أمر الإنسان ، والحياة من حوله ، في كل مجالاتها العامة والخاصة ، كما يلتقون معك ، في ما تلقاه من معاناة في سبيل الرسالة ، التي هي حركة في مواجهة التيار الكافر والضالّ ، في مجتمع الكافرين والضالّين ، وكما جئت بالمعجزة بأمر الله ، وتحركت بإذنه ، فإنهم جاءوا بالآيات بأمر الله وتحركوا بإذنه.
(وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) لأنه لا يملك القدرة الذاتية على تغيير المألوف من أسباب الأشياء ، لما تمثله المعجزة من خرق للعادة ، بل يملكون قدرة محدودة طارئة محكومة لمقتضيات الحكمة الإلهية التي يحدد الله على أساسها المصلحة في إيجادها فينزلها بحساب ، ويمنعها بحساب.
(فَإِذا جاءَ أَمْرُ اللهِ) بالعذاب (قُضِيَ بِالْحَقِ) في ما يفرضه من نتائج سلبية على مصير الكافرين ، ونتائج إيجابية على مصير المؤمنين ، (وَخَسِرَ هُنالِكَ الْمُبْطِلُونَ) لأن الباطل لا ينتهي إلا إلى الضياع والعذاب الدائم.
* * *