في طبيعته أو في توقيته ليكون السؤال في معنى الاستفهام ، أو أن السؤال بمعنى الطلب فتكون القضية هي في الطريقة التي كان يدير المشركون فيها مع النبي الحوار الجدلي عن الآخرة وعذابها الذي ينتظرهم ، فيبرزون الحديث بطريقة التحدي كما كانت الطريقة التاريخية للأمم السابقة التي كانت تستعجل العذاب كإيحاء بعدم جدّيته ، في إظهار تكذيبهم للرسول بهذا الأسلوب. والظاهر أن هذا هو الأقرب من خلال السياق الذي أكّد العذاب كحقيقة إيمانية ثابتة لا مجال للشك فيها ، فهو واقع بهم ، ولن يستطيع أحد أن يدفعه عنهم ، (مِنَ اللهِ ذِي الْمَعارِجِ) فهو العذاب الذي يقضي به وينفذه رب العالمين الذي هو في موقع الرفعة الذي لا يصل إليه حتى الملائكة إلا بالعروج. (تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) الظاهر أنه يوم القيامة الذي يقع فيه هذا العذاب ، ويتمثل فيه المشهد العظيم في عروج الملائكة إلى الله ، وهم الموكلون بالعذاب ، ليتلقوا أوامره التي ينفذونها في كل الشؤون المتعلقة بالكون في حركة القيامة ، كما كانوا ينفذونها قبل ذلك ، لأنهم (عِبادٌ مُكْرَمُونَ* لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ). [الأنبياء : ٢٦ ـ ٢٧]
كما يصعد إليه في هذا اليوم الروح وهو الخلق الغيبي العظيم الذي حدثنا الله عنه في القرآن في أكثر من آية كما لو كان خلقا متميزا عن الملائكة ، في ما يعهد الله إليه من النزول بأمره إلى الناس ، مما لا نملك تصوّرا دقيقا عنه في كيفية تلقّيه الأوامر من الله ، وفي تبليغها للأنبياء ، وفي تنفيذ ما يمكن أن يكون قد عهد إليه بتنفيذه ، وقيل : إنه جبريل الذي كان ينزل بالوحي على الأنبياء عليهالسلام.
ثم ما هو تحديد هذه الخمسين ألف سنة ، هل هو تحديد دقيق في الحدود الزمنية التي تخضع لها السنة ، كما يعرفها الناس في الأرض ، ليكون ذلك مقدّرا بالنسبة الموجودة في وعيهم الزمني ، لأن اليوم الأرضي يمثل